الْآدَمِيِّينَ»، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ.
وَلَمَّا زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ حِينَ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ كَانَ مَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ - مِثْلُ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَبِأَرْضِ الْحَبَشَةِ - يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ.
وَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ الْخَبَرُ إلَى مَنْ كَانَ في الْحَبَشَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى فَاتَ ذَلِكَ الشَّهْرُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصِّيَامِ.
وَكَانَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ لَمَّا ذَهَبُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ قَدْ صَلَّى إلَى الْكَعْبَةِ مُعْتَقِدًا جَوَازَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَروا بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ - وَكَانُوا حِينَئِذٍ يَسْتَقْبِلُونَ الشَّامَ - فَلَمَّا ذكرَ ذَلِكَ للنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ بِاسْتِقْبَالِ الشَّامِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِعَادَةِ مَا كَانَ صَلَّى.
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ سُئِلَ - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ - عَنْ رَجُلٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ قَالَ لَهُ: انْزِعْ عَنْك الجُبَّة، وَاغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت صَانِعًا فِي حَجِّك»، وَهَذَا قَدْ فَعَلَ مَحْظُور الْحَجِّ جاهلًا، وَهُوَ لُبْسُ الْجُبَّةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ بِدَمٍ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ لَزِمَهُ دَمٌ.
وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: «ارجع فصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ. مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِينِي فِي الصَّلَاةِ. فَعَلَّمَهُ الصَّلَاةَ الْمُجْزِئَةَ» وَلَمْ يَأْمُرْهُ [بِإِعَادَةِ مَا صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ، مَعَ قَوْلِهِ: «مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا»، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ] أَنْ يُعِيدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَاقٍ (١)، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ وَالْوَقْتُ بَاقٍ
(١) في مجموع الفتاوى زيادة: (فهو مخاطب بها، والتي صلاها لم تبرأ بها الذمة، ووقت الصلاة باق)، لعلها سقطت من المطبوع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute