والجواب: إذا كان الماء قلتين - وهو نحو قنطار بالدمشقي - لم ينجس إلا بالتغيير عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وكذلك لو كانت أقل من قلتين لم ينجس إلا بالتغير في أظهر قولي العلماء، وهو قول أكثر السلف، وهو مذهب أهل المدينة وروايتهم عن (١) كأبي المحاسن الروياني وحكى قولاً للشافعي ومالك، وهو إحدى الروايتين عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه كابن عقيل وأبي محمد بن المثنى وغيرهما، وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي، فإذا لم يتغير الماء لم ينزح من البئر شيء سواء تمعط فيها شعر الفأرة أو الهر أو غيرهما، أو لم يتمعط، فإن شعر الميتة طاهر عند أكثر العلماء - وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه - وإن تغير الماء بالنجاسة نُزح مقدار ما يطيب به الماء ويزول تغيره بالنجاسة، وليس لذلك حدٌّ مقدرٌ، والله أعلم.
فصل
* عن شهر رمضان هل يُصام بالهلال أو بالحساب والقياس إذا حال دونه غيم أو غيره؟
والجواب: إذا رأى الناس الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أو أكملوا عدة شعبان ثلاثين وجب عليهم الصوم باتفاق العلماء أئمة الإسلام، ولا يجب الصيام قبل ذلك عند عامة السلف والخلف لا في الغيم ولا في الصحو، والإمام أحمد لم يكن يوجب الصيام ليلة الغيم، ولكن استحب ذلك اتباعًا لابن عمر وغيره من الصحابة، ولكن أوجب صيامه طائفة من أصحابه، وهذا القول لم ينقل عن أحدٍ من السلف، وآخرون من أصحابه نهوا عن صيامه نهي تحريم أو تنزيه كأبي الخطاب وابن عقيل وأبي القاسم بن منده وغيرهم، وهذه رواية ثابتة عنه، وهذا قول مالك والشافعي.
وكثير من الصحابة والتابعين والعلماء كانوا يصومون يوم الغيم على طريق الاحتياط لا على طريق الإيجاب، ومذهب مالك وأبي حنيفة يجوز صوم يوم الشك
(١) قال المحقق: (كذا في «الأصل» وفي العبارة سقط واضح، والله أعلم).