مع الصحو والغيم، وكثير منهم ينهى عن صومه في الصحو والغيم، وكثير منهم كان يصومه في الغيم دون الصحو، وهو المشهور عن أحمد، وعنه رواية أخرى أنه لا يصوم إلا مع الناس، وقال: لا يصوم وحده لكن يصوم مع الجماعة، يد الله على الجماعة. وهذه الرواية أظهر؛ لما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون».
والشهر اسم لما يشتهر، والهلال اسم لما يستهل به الناس، فما لم يشتهر ولا يستهل لا يكون شهرًا ولا هلالاً، وقد بُسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
وقد ثبت في السنة وآثار السلف أنه لو انفرد برؤية هلال ذي الحجة لم يقف بعرفات وحده، ولكن يقف مع الناس، فكذلك الصوم والفطر على هذه الرواية، فإذا رأى الهلال وحده لم يصم، ولم يُستحب له الصوم وحده بل يُكره، وهذه رواية منصوصة عن أحمد بن حنبل، وهي أرجح في الدليل.
والعلماء لهم فيمن انفرد برؤية هلال الصوم والفطر ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره:
أحدها: إنه يصوم وحده ويفطر وحده سرًّا، كقول الشافعي.
والثاني: إنه يصوم وحده ولا يفطر إلا مع الناس، وهو المشهور عن أحمد ومالك وأبي حنيفة.
والثالث: إنه لا يصوم إلا مع الناس ولا يفطر إلا مع الناس، وهذا أرجح الأقوال. ومن رجح الاستحباب زعم أن هذا القول أقيس الأقوال، فإن ما شك في وجوبه لم يجب، لكن يستحب فيه الاحتياط، كما لو شك في وجوب الزكاة أو الحج