للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم»، وقد قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.

وهذا باب متسع يتسع الكلام فيه، وقد بُسط في موضع آخر.

فصل

* وأما من سأل عمن اعتقد الإيمان بقلبه ولم يقر بلسانه هل يصير مؤمنًا؟

الجواب: أما مع القدرة على الإقرار باللسان فإنه لا يكون مؤمنًا لا باطنًا ولا ظاهرًا عند السلف والأئمة وعامة طوائف القبلة إلا جهمًا ومن قال بقوله كالصالحي وطائفة من المتأخرين كأبي الحسن وأتباعه، وبعض متأخري [أصحاب] أبي حنيفة زعموا أن الإيمان مجرد تصديق القلب، وأن قول اللسان إنما يعتبر في أحكام الدنيا والآخرة، فيجوزون أن يكون الرجل مؤمنًا بقلبه وهو يسب الأنبياء والقرآن ويتكلم بالشرك والكفر من غير إكراه ولا تأويل، وهذا القول قد كفر قائله غير واحدٍ من الأئمة كوكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وغيرهما. وألزم المسلمون قائل هذا القول أن يكون إبليس مؤمنًا، وفرعون مؤمنًا، واليهود مؤمنين وأبو طالب وأبو جهل وغيرهما ممن عرف أن محمدًا حق مؤمنين، وأن يكون من قاتل الأنبياء مؤمنًا، ومن ألقى المصاحف في الحشوش وأهانها غاية الإهانة مؤمنًا، وأمثال هؤلاء ممن لا يشك مسلم في كفره، فأجابوا بأنه كل من دلَّ النص أو الإجماع على كفره [علمنا] أنه كان في الباطن غير مقرٍّ بالصانع، وألزموا أن يكون إبليس وفرعون

<<  <   >  >>