في أن بصره رأى ما رآه في الملأ الأعلى، وأنه ما زاغ بصره وما طغى، وقد ثبت أن جنة المأوى وسدرة المنتهى في السماء لا في الأرض، فإذا رأى بعينه ما هنالك امتنع أن يكون ذلك منامًا، ودل ذلك على أن جسده كان هنالك، ولكنه سبحانه ذكر في سورة {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} لأنه مما ذكر له دلائله وشواهده ذلك تمهيدًا لما أخبر به عن رؤية ما رآه عند سدرة المنتهى، والقرآن يدل على ذلك حيث قال:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى • ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى • وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} كما قال في الآية الأخرى {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}، ثم قال في النجم:{وَلَقَدْ رَآهُ} أي رأى الذي رآه بالأفق الأعلى مرة أخرى {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى • عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}.
وهذا قول أكثر السلف كابن مسعود وعائشة وغيرهما، وقالت طائفة منهم ابن عباس: إن محمدًا رأى ربه بفؤاده مرتين. ولم يقل أحد من الصحابة ولا من الأئمة المعروفين كأحمد بن حنبل وغيره أنه رآه بعينه، ولا في أحاديث المعراج الثابتة شيء من ذلك، وقد نقل بعضهم ذلك عن ابن عباس، وقد نقلوه رواية عن أحمد بن حنبل، وهو غلط على ابن عباس وعلى أحمد، كما بُسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، ولكن جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث أنه رأى ربه في المنام بالمدينة، ولم يكن ذلك ليلة المعراج؛ فإن المعراج كان بمكة.
وقد اتفق السلف الأئمة على أن المؤمنين يرون الله بأبصارهم في الآخرة وفي عرصات القيامة وفي الجنة، واتفقوا على أن أحدًا من البشر لا يرى الله