للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهرة كمن ابتدع بدعة خفية لا يعلم خطؤه فيها إلا بعد نظرٍ طويلٍ، ولا من كثر اتباعه للسنة إذا غلط في مواضع كثيرة كمن كثر مخالفته للسنة وقل متابعته لها، ولا من كان مقصوده اتباع الرسول باطنًا وظاهرًا وهو مجتهد في ذلك لكنه يخفى عليه بعض السنة أحيانًا كمن هو معرض عن الكتاب والسنة طالب الهدى في طرق الملحدين في آيات الله وأسمائه، المتبعين لطواغيتهم من أئمة الزندقة والإلحاد وشيوخ الضلال والأهواء، فقد جعل الله لكل شيء قدرًا. فمن كان من أهل البدع والتحريف للكلم عن موضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. ومن كان مفرطًا في طلب ما يجب عليه من العلم والسنة متعصبًا لطائفة دون طائفة؛ لهواه ورياسته قد ترك ما يجب عليه من طلب العلم النبوي وحسن القصد، ولكنه مع ذلك مؤمن بما جاء به الرسول، إذا تبين له ما جاء به الرسول لم يكذبه، ولا يرضى أن يكون مشاقًّا للرسول متبعًا لغير سبيل المؤمنين، لكنه يتبع هواه ويتكلم بغير علمٍ، فهذا قد يكون من أهل الذنوب والمعاصي وفساقهم، الذين حكمهم حكم أمثالهم من المسلمين أهل الفتن والفرقة والأهواء والذنوب. ومن كان قصده متابع الرسول باطنًا وظاهرًا يقدم رضا الله على هواه، مجتهدًا في طلب العلم الذي بعث الله به رسوله باطنًا وظاهرًا لا يقدم طاعة أحدٍ على طاعة الرسول، ولا يوافق أحدًا على تكذيب ما قاله الرسول، ولو كان من أهل قرابته أو مدينته أو مذهبه أو خرقته، لكنه قد خفي عليه بعض السنة إما لعدم سماعه للنصوص النبوية أو لعدم [فهمه] لما أراده الرسول، أو لسماع أحاديث ظنها صدقًا وهي كذب، أو لشبهات ظنها حقًّا وهي باطل، كما قد وقع في بعض ذلك كثير من علماء المسلمين وعبادهم، وأكثر المتأخرين من العلماء والعباد لم يخلصوا من أكثر ذلك، فهؤلاء [ليسوا] كفارًا ولا فساقًا، بل مخطئون خطأ يغفره الله لهم، كما قال تعالى على

<<  <   >  >>