الذي اختاره الله - عز وجل - للتكليف وعمارة الأرض، وامتن الله عليه بالربوبية، إذ تبدأ رعاية الله له منذ اللحظة الأولى لبداية الخلق من البويضة والحيوان المنوي، إلى أن يكمل خلقه ويكون إنسانا قويا، وهذه رعاية خاصة بتكوين الجسد وحياته، ثم تليها الرعاية الروحية والفكرية، المقرون بها الثواب والعقاب، فالعاقل يجب أن يعتبر ذات نفسه، وذلك لأنه مؤلف من نفس وبدن، ولا شك أن أدون الجزأين وأقلهما فضيلة ومنفعة هو البدن، ثم إن أصحاب التشريح وجدوا قريبا من (٥٠٠٠) نوع (١) من المنافع والمصالح التي دبّرها الله - عز وجل - بحكمته في تخليق بدن الإنسان، ومن وقف على هذه الأصناف المذكورة في كتب التشريح، عرف أن نسبة هذا القدر المعروف المذكور إلى ما لم يعلم وما لم يذكر كالقطرة من البحر المحيط، ثم إذا توسع الإنسان في النظر وتأمل ما قيل عن العالم العلوي، وما فيه من الأجرام السماوية والكواكب السيارة، وأجرام النيرات من الثوابت وما بينهما من البعد والمسافات ما لا يعلمه إلا الله - عز وجل -، ونظر علميا فيما استطاع كشف حقيقته وبعض خباياه، بإجراء بعض الحسابات، مثل قولهم: إن السنة الضوئية هي عبارة عن مقدار ما يقطعه ضوء الشمس في سنة
(١) هذا ما ظهر للرازي رحمه الله، وهو قبل ما يزيد على (٨٠٠) سنة، فكيف بما حدث من وفته إلى يومنا هذا من الكشف والتوسع الهائل في علوم الفضاء، وعلوم الكائنات الحية من، وعلوم الطب والتشريح؟ ! ! .