للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: أَبُو إِسْحَاق (١) ، عَنْ صِلَةَ (٢) ، عَنْ حُذَيْفة، فقط (٣) .

١٩٣٥ - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ أَبِي (٤) زائدةَ (٥) ، عن أشعثَ (٦) ، عَنْ محمَّد، عَنْ أَبِي سَلَمة (٧) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) : أَتَاكُمْ (٨) أَهْلُ اليَمَنِ، الإِيمَانُ يَمَان ٍ ... (٩) ؟


(١) روايته على هذا الوجه أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (٥٠١١، ٩٢٨٠) ، وابن أبي شيبة (١٩٥٥٤ و٣٠٣٠٤) من طريق الثوري، والبزار في "مسنده" (٢٩٢٨) ، والبيهقي في "الشعب" (٧١٧٩) من طريق شعبة، والبزار (٢٩٢٧) من طريق يزيد بن عطاء، جميعهم عن أبي إسحاق، به، موقوفًا. وجاء من طريق يزيد بن عطاء مرفوعًا. قال البزار: «لا نعلم أسنده إلا يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق» .
(٢) هو: ابن زُفَر.
(٣) في (ت) و (ف) و (ك) : «قط» . وهما بمعنًى، وهي ساكنة الطاء، وتقدم الكلام عليها في المسألة رقم (٩٢) و (١٧٢٠) .
قال ابن عدي في الموضع السابق في ترجمة حبيب بعد أن ذكر هذا الحديث وحديثًا آخر: «وهذان الحديثان الذي (كذا) ذكرتهما لا يرويهما عن أبي إسحاق غيره، وهما أنكر ما رأيت له من الرواية» . وقال الدارقطني في "العلل" (٣٣٧) : «تفرد به حَبِيبُ بْنُ حَبِيبٍ أَخُو حَمْزَةَ ابن حبيب الزيات، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحارث، عن عليٍّ، عن النبيِّ (ص) ، وخالفه أصحاب أبي إسحاق؛ فرووه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بن زفر، عن حذيفة، قولَه، وهو الصواب» .
وقال ابن رجب في "فتح الباري" (١/٢٤) : «وروي مرفوعًا، والموقوف أصحُّ» .
(٤) قوله: «ابن أبي» سقط من (ك) .
(٥) هو: يَحْيَى بْنُ زكريا بْن أَبِي زائدة.
(٦) هو: ابن سوار.
(٧) قوله: «عن أبي سلمة» مكرر في (ف) . وهو: ابن عبد الرحمن بن عوف.
(٨) في (ك) : «إياكم» .
(٩) قال أبو عبيد: قوله: «الإيمان يمانٍ» وإنما بدأ الإيمانُ من مكة؛ لأنها مولد النبي _ج ومبعثه، ثم هاجر إلى المدينة - ففي ذلك قولان:
أما أحدهما: فإنه يقال: إن مكة من أرض تهامة، ويقال: إن تهامة من أرض اليمن؛ ولهذا سمي ما والى مكة من أرض اليمن واتصل بها: التهائم؛ فكأن مكة على هذا التفسير يمانية؛ فقال: «الإيمان يمانٍ» على هذا.
والوجه الآخر: أنه يروى في الحديث أن النبي _ج قال هذا الكلام وهو يومئذ بتبوك ناحية الشام، ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة؛ فقال: «الإيمان يمانٍ» ، أي: هو من هذه الناحية؛ فهما - وإن لم يكونا من اليمن - فقد يجوز أن ينسبا إليها إذا كانتا من ناحيتها، وهذا كثير في كلامهم فاشٍ؛ ألا تراهم قالوا: الركن اليماني؛ فنسب إلى اليمن وهو بمكة لأنه مما يليها ... ويذهب كثير من الناس في هذا إلى الأنصار؛ يقول: هم نصروا الإيمان وهم يمانية؛ فنسب الإيمان إليهم على هذا المعنى، وهو أحسن الوجوه عندي. قال أبو عبيد: ومما يبين ذلك: أن النبي _ج لما قدم أهلُ اليمن قال: «أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبًا، وأرق أفئدةً، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانيَة» ، وهم أنصار النبي _ج. اهـ.
قال الحافظ في "الفتح" بعد ذكره كلامَ أبي عبيد: «وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا مانع من إجراء الكلام على ظاهره، وأن المراد تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل المشرق؛ والسبب في ذلك: إذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين، بخلاف أهل المشرق وغيرهم، ومن اتصف بشيء وقوي قيامه به نسب إليه إشعارًا بكمال حاله فيه، ولا يلزم من ذلك نفي الإيمان عن غيرهم، وفي ألفاظه أيضًا ما يقتضي أنه أراد به أقوامًا بأعيانهم؛ فأشار إلى من جاء منهم لا إلى بلد معين؛ لقوله في بعض طرقه في "الصحيح": «أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبًا، وأرق أفئدة، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية، ورأس الكفر قِبَلَ المشرق» ، ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمل أهل اليمن على حقيقته، ثم المراد بذلك: الموجودُ منهم حينئذ، لا كل أهل اليمن في كل زمان؛ فإن اللفظ لا يقتضيه. قال: والمراد بالفقه: الفهم في الدين، والمراد بالحكمة: العلم المشتمل على المعرفة بالله» . انتهى.
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/٣٧٥- ٣٧٨) ، و"مشارق الأنوار" (٢/٣٠٤) ، و"الفائق" (٤/١٢٨) ، "النهاية" (٥/٢٩٩) ، و"فتح الباري" (٦/٥٣١- ٥٣٢) ، (٨/٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>