للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسولَ الله (ص) يَقُولُ: وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ.

وَرَوَاهُ الأوزاعيُّ، وحسينٌ المعلِّمُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَالِمٍ الدَّوْسي؛ قَالَ: دخلتُ مَعَ عبد الرحمن بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عائِشَة، فدعا بِوَضُوء، فقالَ (١) :

يا عبد الرحمن! أسبغِ الوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سمعتُ رسولَ الله (ص) يَقُولُ: وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ، وَلَيْسَ فِي إسنادِهما ذكرُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟

فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَهِمَ شَيْبان (٢) ، والصَّحيحُ حديثُ الأوزاعيِّ وحسينٍ المعلِّمِ.

قال أبو محمد (٣) : قيل (٤) لأَبِي زُرْعَةَ: فإنَّ عُمَرَ بْنَ يونس اليَمَامي


(١) كذا في جميع النسخ: «فقال» ، وتقدَّم في المسألة رقم (١٤٨) بلفظ: «فقالت» وهو الجادَّة؛ لأن القائلة هي عائشة خ، ولم يتضح في مصوَّرة "شرح العلل" (٥٤/أ) ، لكنَّ مجيء فعل القول هنا مذكَّرًا مع كون فاعله ضمير المؤنَّث - جائزٌ على ثلاثة أوجه:
الأوَّل: أنَّه من باب تأثير المجاورة؛ فقد ذُكِّرَ المؤنَّثُ لمجاورة المذكَّر قبله في قوله: «دعا بوضوء» ، وانظر في تأثير المجاورة المسألة رقم (٥٤- الوجه الثالث) .
والثاني: أن الضمير في «قال» يرجع إلى الراوي، وهذا من الحمل على المعنى بتذكير المؤنث. انظر التعليق على المسألة رقم (٢٧٠) .
والثالث: أنَّه جارٍ على ما ذهب إليه ابن كَيْسَان: أنَّ الفعل إذا كان مسندًا إلى ضمير المؤنَّث لا يجب إلحاقه علامة التأنيث، فيجوز أن يقال: هندٌ ذَهَبَ، والشمسُ طَلَعَ، ووافقه الجوهري إذا كان الضمير يعود إلى مؤنَّثٍ غيرِ حقيقيٍّ، واحتج ابن كيسان بقول عامر بن جُوَيْن الطائي [من المتقارب] :
فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا
ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا
وقال: «وليس بضرورة؛ لتمكُّنِه من أن يقول: «أَبْقَلَتِ ابْقَالَهَا» بالنقل، أي: بنقل كسرة «إِبْقَالَهَا» إلى التاء الساكنة، وقال السيوطي في "همع الهوامع" (٣/٣٣٣) : «وقال ابن كَيْسَان: يقاس عليه [أي: على هذا البيت] ؛ لأنَّ سيبويه حكى: قال فلانةُ» . اهـ. يعني أنه لا فَرْقَ بين الإسناد إلى المضمر والمظهر.
ومن شواهد هذا أيضًا قولُ الشَّنْفَرَى في قصيدته "لاميَّة العرب" [من الطويل] :
فَلَمْ يَكُ إلا نَبْأَةٌ ثُمَّ هَوَّمَتْ
فقلنا: قَطَاةٌ رِيعَ أَمْ رِيعَ أَجْدَلُ؟
وقولُ الأعشى [من المتقارب] :
فإِمَّا تَرَيْنِي ولِي لِمَّةٌ
فإنَّ الحوادثَ أَوْدَى بِهَا
والجادة: قَطَاةٌ رِيعَتْ، فإنَّ الحوادثَ أَوْدَى بها.
انظر: "كتاب سيبويه" (٢/٤٥-٤٦) ، و"الخصائص" (٢/٤١١-٤١٢) ، و"مغني اللبيب" (ص٦٢٠) ، و"أوضح المسالك" (٢/٩٧-١٠٠ مع حاشية محيى الدين) ، و"خزانة الأدب" (١/٦٣-٦٧ الشاهد رقم٢) ، و (١١/٣٦٨ الشاهد رقم ٩٣٦) ، و"روح المعاني" (١/٢٩٠) ، و"إعراب القرآن" للنحاس (٣/٧٥) ، و"شرح فتح القدير" (١/٢٧٤) .
(٢) كذا نسب أبو زرعة الوهم هنا إلى شيبان، ونسبه في المسألة (١٤٨) إلى أبي نعيم، وهو الأقرب إلى الصواب كما سبق بيانه هناك.
(٣) قوله: «قال أبومحمد» من (ف) فقط.
(٤) في (أ) و (ش) : «وقيل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>