الأوَّل: أنَّه من باب تأثير المجاورة؛ فقد ذُكِّرَ المؤنَّثُ لمجاورة المذكَّر قبله في قوله: «دعا بوضوء» ، وانظر في تأثير المجاورة المسألة رقم (٥٤- الوجه الثالث) . والثاني: أن الضمير في «قال» يرجع إلى الراوي، وهذا من الحمل على المعنى بتذكير المؤنث. انظر التعليق على المسألة رقم (٢٧٠) . والثالث: أنَّه جارٍ على ما ذهب إليه ابن كَيْسَان: أنَّ الفعل إذا كان مسندًا إلى ضمير المؤنَّث لا يجب إلحاقه علامة التأنيث، فيجوز أن يقال: هندٌ ذَهَبَ، والشمسُ طَلَعَ، ووافقه الجوهري إذا كان الضمير يعود إلى مؤنَّثٍ غيرِ حقيقيٍّ، واحتج ابن كيسان بقول عامر بن جُوَيْن الطائي [من المتقارب] : فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا وقال: «وليس بضرورة؛ لتمكُّنِه من أن يقول: «أَبْقَلَتِ ابْقَالَهَا» بالنقل، أي: بنقل كسرة «إِبْقَالَهَا» إلى التاء الساكنة، وقال السيوطي في "همع الهوامع" (٣/٣٣٣) : «وقال ابن كَيْسَان: يقاس عليه [أي: على هذا البيت] ؛ لأنَّ سيبويه حكى: قال فلانةُ» . اهـ. يعني أنه لا فَرْقَ بين الإسناد إلى المضمر والمظهر. ومن شواهد هذا أيضًا قولُ الشَّنْفَرَى في قصيدته "لاميَّة العرب" [من الطويل] : فَلَمْ يَكُ إلا نَبْأَةٌ ثُمَّ هَوَّمَتْ فقلنا: قَطَاةٌ رِيعَ أَمْ رِيعَ أَجْدَلُ؟ وقولُ الأعشى [من المتقارب] : فإِمَّا تَرَيْنِي ولِي لِمَّةٌ فإنَّ الحوادثَ أَوْدَى بِهَا والجادة: قَطَاةٌ رِيعَتْ، فإنَّ الحوادثَ أَوْدَى بها. انظر: "كتاب سيبويه" (٢/٤٥-٤٦) ، و"الخصائص" (٢/٤١١-٤١٢) ، و"مغني اللبيب" (ص٦٢٠) ، و"أوضح المسالك" (٢/٩٧-١٠٠ مع حاشية محيى الدين) ، و"خزانة الأدب" (١/٦٣-٦٧ الشاهد رقم٢) ، و (١١/٣٦٨ الشاهد رقم ٩٣٦) ، و"روح المعاني" (١/٢٩٠) ، و"إعراب القرآن" للنحاس (٣/٧٥) ، و"شرح فتح القدير" (١/٢٧٤) . (٢) كذا نسب أبو زرعة الوهم هنا إلى شيبان، ونسبه في المسألة (١٤٨) إلى أبي نعيم، وهو الأقرب إلى الصواب كما سبق بيانه هناك. (٣) قوله: «قال أبومحمد» من (ف) فقط. (٤) في (أ) و (ش) : «وقيل» .