لا يكلمه شهرا فهو من حين حلف لا يتكلم، فقرأ القرآن، أو سبح لم يحنث.
ــ
القراءة وهو مقتد لم يحنث، وخارج الصلاة يحنث ولو قال لآخر: إن ابتدأتك فعبدي حر فالتقيا وسلم وكل منهما على الآخر معا لا يحنث وانحلت يمينه لعدم تصور أن يكلمه بعد ذلك ابتداء، ولو حلف لا يكلم فلانا وفلانا لم يحنث بكلام أحدهما إلا أن ينوي كلا منهما وعليه الفتوى.
واعلم أن الكلام لا يكون إلا باللسان فلا يكون بالإشارة ولا الكتابة والإخبار والإقرار والبشارة تكون بالكتابة لا بالإشارة والإيماء والإنشاء والإعلام والإظهار والإخبار يكون بالإشارة أيضا، فإن نوى في الإظهار والإنشاء والإعلام كونه بالكلام والكتابة والإشارة دين، وأما الثاني فلأن الإذن اشتق اشتقاقا كبيرا من الأذان أو من الوقوع في الأذن وكل ذلك لا يتحقق إلا بعد العلم وهذا إظهار قولهما، وعن الثاني أنه يحنث ونوقض هذا يما في (الصغرى) لو أذن لعبده وهو لا يعلم يصح الإذن ودفع بأن قال: حتى إذا صار مأذونا فدل على أنه ليس له قبل العلم حكم الإذن، ولذا قال في (الشامل): إنه لو تصرف قبل العلم ثم علم لم يجز تصرفه حلف (لا أكلمه شهرا فهو) أي: ابتدأ مدته (من حين حلف) لأن دلالة حاله وهو غيظه الباعث على اليمين يوجب ترك الكلام من الآن ثلاثين يوما ولو عرفه كان على باقيه، وكذا لو قال: السنة انصرفت يمينه إلى باقيها وابتداء المدة كما قال.
وفي (البدائع) قال في بعض النهار: لا أكلمه يوما كانت يمينه على بقية اليوم والليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة أو إلى مجيء مثلها من الليلة المستقبلة فيدخل ما بينها من النهار، ولو قال: اليوم ولا غدا لم تدخل الليلة انتهى. ولو لم يكرر حرف النفي كانت يمينا واحدة فيدخل الليل كما في (الواقعات) والله الموفق.
(لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح) أو هلل (لا يحنث) سواء كان في الصلاة أو خارجها وهو المختار للفتوى خلافا لما اختاره القدوري من أنه يحنث لأنه لا يسمى متكلما عرفا، وفي (الواقعات) الفتوى على الأول إن كانت يمينه بالفارسية، وعلى ما اختاره القدوري لو كانت بالعربية، ولو زاد كلاما حسنا ففي (الظهيرية) ما يفيد أنه يحنث حيث قال: كلما تكلمت كلاما حسنا فأنت طالق ثم قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر طلقت واحدة، ولو حذف الواو من الكل طلقت ثلاثا.
قال في (الفتح) بعد نقله: وقد يدفع بأن الكلام في مطلق الكلام عرفا فيما لا فيما قيد بقيد أصلا انتهى. أي: يدفع وردوه على الإطلاق لكن بقي أن ظاهره أنه مع القيد يحنث بقراءة القرآن ولو في الصلاة فتدبره. وفي (تهذيب القلانسي) وكذا لا يحنث إذا قرأ الكتب ظاهرا وباطنا في عرفنا وهو ظاهر في اختصاص الكلام بما يعد به