للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم أكلم فلانا، فعلى الجديدين فإن نوى النهار خاصة صدق، وليلة أكلمه على الليل إن كلمته إلا أن يقدم زيدا أو حتى إلا أن يأذن، أو حتى فكذا، فكلم قبل قدومه، أو أذنه حنث وبعدهما لا

ــ

في العرف متكلما فلو قرأ كتاب فقه أو نحو لم يحنث، وعلى هذا ينبغي أن لا يحنث أيضا بإلقاء درس مالكن قد يعكر على هذا ما في (الفتح)، ولو قال: (يوم أكلم فلانا) فكذا (فعلى الجديدين) أي: الليل والنهار لأن اسم اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد أريد به مطلق الوقت والكلام مما لا يمتد قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره) (الأنفال: ١٦) ولا فرق بين التولية ليلا أو نهارا وقد مر في تفويض الطلاق (فإن نوى النهار صدق) قضاء وديانة لأنه نوى حقيقة كلامه، وعن الثاني أنه لا يصدق قضاء (و) لو قال: (ليلة أكلمه) فامرأته طالق فهو (على الليل) خاصة لأنه حقيقة في سواه كالنهار للبياض خاصة ولم يجيء استعماله في الوقت كاليوم وأورد قوله:

وكنا حبسنا كل بيضا شحمه .... لياليا لاقينا جذاما وحميرا

سقونا كأسا سقونا بمثلها .... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا

والمراد مطلق الوقت لأن الحرب لم يكن ليلا، وأجاب شمس الأئمة بأن [٢٨٨/ب] المذكور الليالي بصيغة / الجمع وذكر أحد العددين ينتظم بإزائه من الآخر، وكذلك الفرد ونظر فيه لاقتضائه أن الشاعر قصد أن الملاقاة كانت مستوعبة الليالي يتبعها أيام بقدرها والمتعارف في مثله أنه إنما يقصد به الوقت لا الجمع بين الأيام والليالي.

قال في (الفتح): وليس بشيء فإن الواقع قد يكون أن الحرب دامت بينهم أياما ولياليها وهذا كثير، فأراد أن يخبر بالواقع فعبر عنه بما يفيد ولا دخل لذلك في خصوص عرف، ولو قال: (إن كلمته) أي: عمرو (إلا أن يقدم زيدا) أو قال: (حتى) يقدم زيدا (أو) قال: إن كلمته (إلا أن يأذن) زيدا (أو) قال: (حتى) يأذن (فكلم قبل قدومه أو إذنه حنث، وبعدهما) أي: بعد القدوم والإذن لو كلمة (لا) يحنث لأنه جعل القدوم والإذن غاية لعدم الكلام، أما في حتى فظاهر، وأما ي إلا أن فلأن الاستثناء وإن كان هو الأصل فيها إلا أنها تستعار للشرط والغاية عند تعذره لمناسبة هي أن الحكم كل واحد منها يخالف ما بعده ومثله قوله تعالى: {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم} (التوبة: ١١٠) وقيل هي استثناء.

قال في (الفتح): وفيه شيء وهو أن تقدير الاستثناء فيها أي: إلى موتهم إنما يكون من الأوقات والأحوال على معنى امرأته طالق في جميع الأوقات والأحوال إلا وقت قدوم فلان أو اذنه أو إلا حال قدومه أو إذنه وهو يستلزم بقيد الكلام بوقت الإذن

<<  <  ج: ص:  >  >>