ولو قال لامرأته: يا زانية وعكست حدت ولا لعان ولو قالت: زنيت بك بطلا وإن أقر بولد ثم نفاه لاعن. .......
ــ
فإن قلت: لو ضرب كل منهما صاحبه عزرا وبدأ بالبادي كما في (القنية)، ولو تشاتما بين يدي القاضي عزرهما فهل لا يلتقيا قصاصا؟ قلت: لم يلتقيا هنا لتفاوت الجنايتين في الضرب بخلاف السب، وأما بين يدي القاضي فلهتك حرمة الشرع ورأيت بخط الشيخ الأخ رحمه الله تعالى عن (الخلاصة) قال المقضي عليه للقاضي: أخذت رشوة من خصمي وقضيت علي، يعزره القاضي.
قال ابن وهبان: هذا يستثنى من قولهم أن القاضي لا يقضي لنفسه انتهى. وقد يقال: لا استثناء لأن من أساء الأدب في حق القاضي فقد أساء الأدب على الشرع، فتعزير القاضي له لأجل حق الشرع لا لنفسه ولهذا قالوا: يعزره ولم يقولوا إن شاء انتهى.
وأقول: فيه نظر فقد صرحوا بأنه له أن يعفو عنه كما نقله ابن الغرس في (فوائده) ولو كان لمحض الشرع لما ساغ عفوه وفي (جامع الفصولين) ولو تشاتما بين يديه كان له تعزيرهما صيانة لمجلس الشرع انتهى. بقي هل له العفو عنهما؟ لم أر المسألة في كلامهم والظاهر لا بخلاف قوله أخذت الرشوة من خصمي، والفرق بين فتدبره، وسيأتي أن التعزير كما يكون حقا للعبد يكون حقا لله تعالى (ولو قال لامرأته: يا زانية وعكست) كم مر (حدت) المرأة (ولا لعان)، والأصل أن الحدين إذا اجتممعا وفي تقديم أحدهما إسقاط الآخر وجب تقديمه احتيالا للدرء واللعان قائم مقام الحد فتقديم حق المرأة يبطل اللعان لأنها تصير محدودة في قذف، وتقديم اللعان لا يسقط حد القذف لأنه لا يجري على الملاعنة وعن هذا قلنا: لو قال لها: يا زانية بنت الزانية فخاصمته الأم فحد سقط اللعان.
(ولو قالت) في جواب قوله يا زانية (زنيت بك بطلا) أي: الحد وللعان لأنه يحتمل أنها أرادت به ما قبل النكاح فتحد في قذفها ولا لعان لتصديقها إياه أو ما كان معه بعد النكاح وأطلقت عليه زنا للمشاركة فيجب اللعان دون الحد والحكم بتعيين أحدهما بعينه متعذر فوقع الشك في كل وجوب اللعان والحد فلا يجب واحد بالشك حتى لو زال الشك بأن قالت قبل أن أتزوجك أو كانت أجنبية حدت فقط، وهو ظاهر ولو ابتدأت الزوجة ثم قال لها: يا زانية، فالحكم كذلك للمعنى الذي ذكرناه ودخول هذا في الإطلاق كما في (البحر) خلاف الظاهر وما نقلناه جرى عليه الشارح تبعا لشراح (الهداية) قيد بالخطاب لأنها لو قالت: إنت ازنى مني حد الرجل فقط كما في (الخانية)، (وإن أقر) الزوج (بولد ثم نفاه لاعن)، لأن النسب لزمه