للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآبق إلا أن يبيعه ممن يزعم أنه عنده

ــ

ومثله ما لو دفع لآخر بقرة ليكون الحادث بينهما بالنصف فالحادث كله لصاحب البقرة وله على صاحبها قيمة العلف وأجرة مثله، وعلى هذا إذا دفع الدجاج ليكون البيض بالنصف، كذا في (الفتح)، والمتعارف في أرياف مصر دفع البيض ليكون الخارج منه بالنصف مثلًا وهو وزان دفع القز بالنصف الخارج كله لصاحب البيض وللعامل أجر مثله والله أعلم.

ولم يجز أيضًا بيع الآبق للنهي عنه كما رواه ابن ماجة وغيره، وإطلاقه يعم ما لو باعه لولده الصغير أو ليتيم في حجره، ولو وهبه لهما صح، والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقبه وهو منتف وما بقي له من الملك يصلح لقبض الهبة لا للبيع لأنه بإزاء مال مقبوض من مال الابن بخلاف الهبة فكفت تلك اليد له نظرًا للصغيرة. ووقع في (الخانية) في بعض النسخ عكس هذا الحكم وفي بعضها كما ذكرنا وهي المعول عليها وكان الأولى تحريف، ولم يطلع صاحب (البحر) على الثانية فجزم بالأولى، وقالوا: لو أعتقه نفد عتقه ولو عن كفارة اشترط في إجزائه عنها العلم بحياته، ولو عاد وسلمه لا ينقل بالبيع صحيحًا في ظاهر الرواية وهو مختار الثلجي ومشايخ بلخ، وعن الإمام أنه يعود، واختاره الكرخي وجماعة، والاختلاف مبني على أنه باطل أو فاسد فمن قال بالأول قال: إنه لا يعود ومن قال بالثاني قال: إنه يعود، لأن ارتفاع المفسد في الفاسد يرده صحيحًا وخرج الآبق المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه لأنه مقدور التسليم وقت العقد حكمًا إذ الظاهر عوده، ولو أبق بعد البيع قبل القبض خير المشتري في فسخ العقد.

(إلا أن يبيعه ممن) أي: من شخص (يزعم) ذلك الشخص وهو المشتري (أنه عنده) فيجوز، لأن المقصود من القدرة على التسليم ثبوت السلم، فإذا كان ثابتًا حصل المقصود، وقوله: عنده شامل لما إذا كان في منزله أو كان يقدر على أخذه ممن هو عنده، فإن كان لا يقدر على الأخذ إلا بخصومة عند الحاكم لم يجز بيعه، كما في (السراج) وهل يصير قابضًا له بمجرد العقد؟ إن قبضه لنفسه يصير قابضًا عقب الشراء بالاتفاق، كما في (العناية). وإن قبضه للرد إن أشهد لا يصير قابضًا لأنه أمانة في يده، وقبض الأمانة لا ينوب عن قبض البيع حتى لو هلك قبل الوصول إلى المولى هلك من مال الولي، وإن لم يشهد يجب أن يكون قابضًا لأنه قبض غصب فينوب. وفي (الذخيرة): اشترى ما هو أمانة في يده بوديعة وعارية لا يكون قابضًا إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>