للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولبن امرأة وشعر الخنزير وينتفع به للخرز

ــ

إذا ذهب المودع المستعير إلى العين وانتهى إلى مكان يتمكن من قبضه إلا أن يصير المشتري قابضًا بالتخلية، فإن هلك بعد يهلك من مال المشتري انتهى، وهذا لا يفيد إطلاقهم السابق قيد بقوله ممن يزعم إلخ، لأنه لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره لا يصح أيضًا لكنه فاسد أي اتفاقًا يملك بالقبض بخلاف بيع الآبق المطلق فإن فيه/ ما مر من الخلاف، واعلم أنه يستثنى من إطلاقهم ما لو أبق من الغاصب فباعه المالك منه فإنه يصح مع أنه أبق عند التعاقدين، كما في (الذخيرة) معللًا بأن بيعه إنما يصح إذا كان التسليم محتاجًا إليه، أما إذا لم يكن محتاجًا إليه كما في مسألتنا فإن البيع يجوز.

(و) لم يجز أيضًا بيع (لبن المرأة) في قدح كما في (الهداية) وهذا القيد لبيان منع بيعه بعد انفصاله عن محله كيلا يظن أن امتناع بيعه ما دام في الضرع كغيره، كذا في (الفتح)، قال في (الحواشي السعدية): وهذا بعيد جدًا بعدما تقدم أن بيع اللبن في الضرع لا يجوز انتهى.

وبيانه أن امتناع بيعه في الضرع قد علم مما مر، فذكر منع بيع لبن المرأة بعده نص في المنع بعد الانفصال فلا حاجة إلى التقييد به، وبه اندفع ما في (البحر) من أن ذكر القيد أولى لأن حكم اللبن في الضرع قد تقدم، على أنا لا نسلم أنه مستفاد مما تقدم لما قدمناه في أن الضرع خاص بذوات الأربع كالثدي للمرأة رح فإنما أطلقه المصنف ليعم ما قبل الانفصال وما بعده لأنه جزء آدمي مصون عن الابتذال بالبيع، وقد استدل محمد على فساد بيعه بجواز إجارة الظئر لأن جوازها يثبت أنه من المنافع لا الأموال إذ المال لا يجوز إجارته، ألا ترى أنه لو استأجر بقرة على أنه يشرب لبنها لم تجز الإجارة؟ وعلى هذا فلا يضمن متلفه لا فرق بين كونها حرة أو أمة في ظاهر الرواية وفي حل التداوي به في العين قولان، كذا في (الفتح).

وفي موضع آخر قال أهل الطب يثبتون نفعًا للبن البنت في العين وهذه من أفراد مسألة الانتفاع بالمحرم للتداوي كالخمر، واختار في (الهداية) (والخانية) الجواز له إن علم أن فيه شفاء ولم يجدوا لغيره والله المرفق.

(و) لم يجز أيضًا بيع (شعر الخنزير) لأنه نجس العين إهانة له قال في (الفتح): ويرد على هذا التعليل بيع السرقين فإنه جائز للانتفاع به مع أنه نجس العين انتهى، بل الصحيح عن الإمام أن الانتفاع بالعذرة الخالصة جائز كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الكراهية (وينتفع به) أي: يجوز الانتفاع به (للخرز) أي: نخرز النعال

<<  <  ج: ص:  >  >>