بالدبغ كما مر قيد بجلد الميتة لأن جلود المذكاة يجوز بيعها لطهارتها بها، ولحوم السباع وشحومها وجلودها بعد الذكاة كجلود الميتة بعد الدبغ فيجوز بيعها والانتفاع بها في غير الأكل في (التجنيس) المختار للفتوى جواز بيع لحم المذبوح من السباع، وكذا الكلب والحمار لأنه طاهر وينتفع به في إطعام سنورة (كعظم الميتة) أي: كما يباع عظم الميتة وينتفع به، (و) كذا/ (عصبها وصوفها وقرنها ووبرها) وريشها ومنقارها وظلفها وحافرها لطهارتها لأن الحياة لا تحلها فلا يحلها الموت.
قال في (الهداية): والفيل كالخنزير نجس العين عند محمد، وعندهما بمنزلة السباع حتى يباع عظمه وينتفع به، أي في الحمل والمقاتلة والركوب، وفي (العناية) ولو بيع عظمه إنما يجوز إذا لم يكن عليه دسومة، أما إذا كانت فهو نجس فلا يجوز بيع انتهى، وهذا ينبغي أن يكون جاريًا في عظم كل ميتة وما جزم عن محمد مخالف لما ذكره الكرخي أجمعوا على جواز بيع الفيل، وفي (العيون) روى ابن رستم عن محمد في امرأة صلت في عنقها قلادة فيها سن كلب أو أسد أو ثعلب فصلاتها تامة لأنها تقع عليها الزكاة، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - (اشترى لفاطمة سوارين من عاج) فظهر استعمال الناس له من غير نكير حتى حكى بعضهم إجماع العلماء على جواز بيعه والله الموفق.
فرع
هل يجوز بيع القرد؟ روى أبو يوسف عن الإمام منع بيعه، وروى الحسن عنه جوازه وهو المختار لأنه ينتفع به في بعض الأشياء، كذا في (الفتح) قال ابن وهبان: وينبغي أن يحمل قول أبي حنيفة بجواز البيع لمن يحفظ به ذكاته أو متاعه وعدم الجواز لمن يلعب به ويطوف به في الأسواق ويسخر به فإن ذلك حرام ونظر فيه في (عقد الفرائد) لما في (البزازية) بيع القرد وسائر السباع يجوز للانتفاع بجلدها فبين أن العلة في الجواز ليس حفظ المتاع ولا بد.
وفي (التجنيس) بيع القرد يجوز، وكذا جميع الحيوانات سوى الخنزير وهو المختار ولأنه ينتفع به، وكذا ينتفع بجلده وشراء الفيل جائز لأنه منتفع به يحمل عليه المتجر بالقرد، وإن كان حرامًا لا يقتضي المنع من بيعه فقد قالوا: يجوز بيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرًا مع الكراهة، وكذا بيع الأمرد ممن يعلم أنه يعصى به وقصارى ما ذكره كراهة البيع انتهى.