الخبر أي مثل ومقبوض كذا في (البحر)، وكأنه حذف العاطف لكن بابه الشعر كما قالوا والنصب على الحال بتأويله بمشتق أي متناجزين (فحرم الفضل) أي: الزيادة (والنساء) بفتح النون والمد لا غير التأخير (بهما) لتمام العلة.
(و) حرم (النساء فقط بأحدهما) أي القدر وحده كالحنطة بالشعير أو الجنس كالهروي بالمروي لما روينا في قوله فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يداً بيد وروى أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) وهذا دليل على أن وجود أحد جزئي علة الربا علة تامة لتحريم النساء وإن كان بعض علة لحرمة الفضل إلا أن مقتضاه أن لا يجوز أسلام النقود في الموزونات كالزعفران ونحوه مع أنه جائز إجماعاً، وجوابه أنهما لا يتفقان في صفة الوزن فإن الزعفران يوزن بالأمناء وهو مثمن يتعين بالتعيين، والنقود توزن بالسنجات وهو ثمن لا يتعين بالتعيين، ولو باع بالنقود وقبضها صح التصرف فيها قيل الوزن، وفي الزعفران وأشباهه لا يجوز فإذا اختلفا فيه صورة ومعنى وحكماً لم يجمعهما القدر من كل وجه وتنزل الشبهة فيه إلى شبهة الشبهة وهي غير معتبرة كذا في (الهداية)، ولا يخفى أن الزعفران والمسك والزباد وتوزن بالسنجات أيضاً والتعيين وعدمه مما لا يتعلق للوزن به، والاختلاف الحكمي وحده أعني جواز التصرف قبل وزنه، بخلاف المبيع لا يوجب اعتباره غير مشارك له في أصل الوزن فالوجه في هذا أن يضاف تحريم الجنس بانفراده إلى السمع كما مر.
ثم يستثنى إسلام النقود في الموزونات بالإجماع كيلا يفسد أكثر أبواب السلم وسائر الموزونات خلاف النقد لا يجوز أن يسلم في الموزونات، وإن اختلفت أجناسها كإسلام حديد في قطن أو زيت في جبن وغير ذلك إلا إذا خرج من أن يكون وزنياً بالصنعة إلا في الذهب والفضة، فلو أسلم سيفاً فيما يوزن جاز إلا في الحديد لأن السيف خرج من أن يكون موزوناً ومنعه في الحديد/ لاتحاد الجنس، ولذا يجوز بيع الإناء من غير النقدين بمثله من جنسه يداً بيد نحاساً كان أو حديداً أو إن كان أحدهما أثقل من الآخر بخلافه من الذهب والفضة فإنه يجري فيه ربا الفضل، وإن كانت لا تباع وزناً لأن صورة الوزن منصوص عليها فيهما فلا تتغير بالصنعة فلا تخرج عن الوزن بالمعادن، وأورد أنه ينبغي أن يجوز حينئذ إسلام الحنطة والشعير في الدراهم والدنانير لاختلاف طريقة الوزن.