وحلا بعدمهما وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح والموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل
ــ
أجيب بأن امتناعه لامتناع كون النقد سلماً فيه لأن المسلم فيه مبيع وهما متعينان للثمنية وهل يجوز بيعاً قيل: إن كان بلفظ البيع يجوز بيعاً بثمن مؤجل، وإن كان بلفظ السلم فقد قيل: لا يجوز، وقال الطحاوي: ينبغي أن ينعقد بيعاً، وأما إسلام الفلوس في الموزون ففي (فتح القدير) مقتضى ما ذكروه في زماننا لأنها وزنية، وذكر الإسبيجابي جوازه لأنها عددية بخلاف ما إذا أسلم فلوساً في فلوس فإنه لا يجوز لأن الجنس بانفراده محرم النساء.
وأقول ينبغي أن يقال: إن كانت كاسدة لا يجوز لأنها وزنية حينئذ وعليه يحمل ما في (الفتح)، وإن كانت رائجة يجوز لأنهم في هذه الحالة أجروها مجرى النقود حتى أوجبوا الزكاة فيها، وعليه يحمل ما في الإسبيجابي وهذا يجب أن يعول عليه (وحلا) أي التفاضل والنساء (بعدمهما) أي: بعدم القدر والجنس فيجوز بيع هروي بمرويين لعدم العلة وهي وإن كانت لا توجب عدم الحكم لكن إذا اتحدت لزم من عدمها لا بمعنى أنها تؤثر العدم بل لا يثبت الوجود لعدم علته فيبقى عدم الحكم على عدمه الأصل وإذا عدم سبب الحرمة والأصل، في البيع الإباحة كان الثابت الحل كذا في (الفتح).
(وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح وصح أيضاً بيع الموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل) بكسر الراء وفتحها أي يقع عليه كيله أو إلى الأوقية فهو وزني قال في (المبسوط): يريد بذلك الأدهان ونحوها لأن الرطل إنما يعدل بالوزن غير أنه يشق عليهم وزنها بالأمناء والسنجات في كل وقت لأنها لا تستمسك إلا في وعاء حرج فاتحد الرطل لذلك تيسيراً فعرفنا أن كيل الرطل موزون فجاز بيع الموزون به انتهى، ومن ثم قال بعضهم، المراد هنا مواعين معلومات الوزن.
قال في (الهداية): وإن كان موزوناً فلو بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله لا يجوز لتوهم الفضل في الوزن بمنزلة المجازفة، واستشكله الشر بأن الشيئين إذا استويا في كيل واحد يلزم أن يستويا في كيل آخر أيضا، ولا تأثير لكونه معلوماً أو مجهولاً في ذلك إذ لا يختلف ثقله فيهما، وقدمنا عن (الفتح) أنه لو باع الفضة بمثلها كفة ميزان بكفة ميزان جاز لانتفاء احتمال التفاضل وهذا يؤيد ما ادعاه الشر، وعن (الصيرفية) أيضاً لو تبايعا تبراً بذهب مضروب كفة بكفة لا يجوز ما لم يعلما وزن الذهب لأنه وزني، وهذا يشهد لصاحب (الهداية) والظاهر أنهما قولان متقابلان والله الموفق.