للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أمكن ضبط صفته ومعرفة قدره صح السلم فيه وما لا فلا فيصح في المكيل والموزون المثمن

ــ

قال في (الفتح): وهو بعيد ولا وجه له إلا باعتبار كون المدفوع هالكاً، وصحة هذا الاعتبار تتوقف على غلبة توائه عليه وليس الواقع أن السلم كذلك بل الغالب الاستيفاء، وشرعا كما في (النهاية) وعليه جرى النشر: أخذ عاجل بآجل، ورده في (العناية) و (الفتح) وغيرهما لصدقة على البائع بثمن مؤجل بل هو بيع عاجل بآجل، ولذا انعقد بلفظ البيع في الأصح ولم يحك في (القنية) خلافاً في انعقاد البيع والشراء بلفظ السلم، وجزم في (البحر) بأن الأول تحريف وبعده لا يخفى. لكن في (الحواشي السعدية) قال: يجوز أن يقال: المراد أخذ ثمن عاجل بأجل بقرينة المعنى اللغوي، إذ الأصل هو عدم التعبير إلا أن يثبت بدليل وبه اندفع ما في (البحر) من أنه تحريف، وركنه ركن البيع وسبب شرعيته شدة الحاجة إليه، وحكمه ثبوت الملك في المسلم إليه في الثمن ولرب السلم في المستلم فيه الدين الكائن في الذمة.

أما في العين فلا يثبت إلا بقبضه على انعقاد مبادلة أخرى والمؤجل المطالبة بما في الذمة وقالوا: إن شرعيته على خلاف القياس لأنه بيع المعدوم، ورده ابن الغربانة على وقفه كالبيع بثمن مؤجل، وأي فرق بين كون أحد المعوضين مؤجلاً في الذمة وبين الآخر.

قال في (الفتح): وحاصله مبني على اعتقاد أن القوم قاسوا السلم على بيع المعدوم وليس كلامهم هذا بل هو نفسه بيع المعدوم فهو على خلاف القياس الأصلي فيه، وكونه معدوماً لا يقدر على تحصيله عادةً ليس معتبراً في مفهوم السلم عندهم، بل هو زيادة (ما أمكن) أي: شيء أمكن (ضبط صفته ومعرفة قدره صح السلم فيه) لأنه لا يقضى (وما لا) يمكن فيه ذلك (فلا) يصح السلم فيه لأنه دين وهو لا يعرف إلا بالوصف، فإذا لم يكن ضبطه به يكون مجهولاً جهالة تفضي إلى المنازعة فلا يجوز كسائر الديون، وعبارته في (الوافي) أفود مما هنا وأخصر حيث قال: صح ولو بلفظ البيع فيما تضبط صفته ويعرف قدره كوزن مثمن وكيلي وعددي متقارب ثم بين الفصلين فقال: (فيصح) السلم (في المكيل) كالحنطة والشعير.

وفي (القنية) أسلم زبيباً في كراء حنطة لا يجوز ثم رقم يجوز، فأبو الفضل جعل الزبيب كيلياً، وهما جعلاه وزنياً، وفي (البزازية) لو أسلم في التبن كيلاً أو وزناً جاز لأنه ليس بمكيل ولا موزون، ولا خير في السلم في الأواني المتخذة من الزجاج وفي المكسورة يجوز وزناً (والموزون) كالعسل والزيت غير (المثمن) قيد بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>