احتراز عن إذا كان المسلم فيه ثمناً، فإنه إذا كان رأس المال كذلك كان العقد باطلاً اتفاقاً، وإن كان غيره كثوب في عشر دراهم لم يصح سلماً اتفاقاً. وهل ينعقد بيعاً في الثوب بثمن مؤجل؟ قال أبو بكر الأعمش: ينعقد، وعيسى بن أبان: لا وهو الأصح، لأن تصحيح العقد إنما يكون في المحل الذي أوجب المتعاقدان البيع فيه لا في غيره وهما لا يوجباه إلا في الدراهم ولا يمكن تصحيح العقد باعتبارها بل باعتبار الثوب، ولم يوجباه فيه فكان في غير محله.
قال في (الفتح): ألا أن الأول عندي أدخل في الفقه لأن حاصل المعنى الصادر/ بينهما إعطاء صاحب الثوب ثوبه إلى الآخر بدراهم مؤجلة وهذا من أفراد البيع بلا تأويل وفيه تصحيح تصرفهما انتهى. إلا أنه لا يتم إلا بالتزام أن أبا بكر قال بانعقاد البيع بلفظ السلم، وألا يجوز أن يكون قائلاً يقابل الأصح من أنه لا يجوز وحينئذ فلا يتم المطلوب وفيه نظر إذ صاحب الثوب وإن أعطاه له بدراهم مؤجلة لكن على أنها مبيعة لا على أنها ثمن ليلزم أن يكون من أفراد المبيع، وذكر باقي شروط السلم قرينة على إرادة هذا المعنى فتأمل والتبر كالثمن في قياس رواية كتاب الصرف لأنه ألحقه بالمضروب وعلى قياس رواية كتاب الشركة يجوز لأنه ألحقه بالعروض، كذا في (النهاية).
ولو اسلم في المكيل وزناً روى الطحاوي عن أصحابنا أنه يجوز، وروى الحسن أنه لا يجوز وعلى هذا الخلاف، لو أسلم في الموزون كيلاً وفي (الخلاصة) والفتوى على ما رواه الطحاوي، وفتوى الإمام خالي على رواية الحسن، كذا يصح السلم أيضاً في (العددي والمتقارب) عدداً وهو الذي لا يتفاوت يفضي إلى المنازعة (كالجوز والبيض)، وفي (الدراية): ما ضمن مستهلكه بالمثل متقارب وبالقيمة متفاوت، وأجازه في الباذنجان والكاغد عدداً.
قال في (الفتح): وفيه نظر ظاهر ويحمل على كاغد بقالب خاص وإلا لا يجوز، وكون الباذنجان مهدراً لتفاوت لعله في باذنجان ديارهم، وفي ديارنا ليس كذلك وظاهر الرواية أن بيض النعام من المتقارب، وروى الحسن عن الإمام أنه لا يجوز ادعاء لتفاوت آحاده والوجه أن ينظر إلى الغرض في عرف الناس، فإن كان الغرض منه الأكل ليس غير كعرف أهل البوادي يجب أن يعمل بظاهر الرواية، وإن كان الغرض حصول القشر ليتخذ في سلاسل القناديل كما في ديار مصر وغيرها من الأمصار يجب أن يعمل بهذه الرواية انتهى ملخصاً.
ويشترط مع العدد بيان الصفة أيضاً قيد بالتقارب لأن المتفاوت كالبطيخ والقرع والرمان والروس والأكارع والسفرجل لا يجوز السلم في شيء منها عدداً إلا إذا