من كل. واعلم أن كون اسم الدراهم ينصرف إلى الفضة محله ما إذا كان هو المتعارف في بلد العقد وفي عرف مصر لفظ الدراهم إلا أن ينصرف إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يقيد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة فإن ما دونه نقل أو خف يسمونه نصف فضة، كذا في (الفتح).
قال في (البحر): وعلى هذا لو شرط بعض الواقفين بمصر للمستحق دراهم ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس، وأما إذا قيدها بالنقرة كواقف الشيخونية والصرغشمشية فينصرف إلى الفضة لما في (المغرب) النقرة القطعة المذابة من الفضة أو الذهب، ويقال: نقرة فضة على الإضافة للبيان، وفي (المصباح) النقرة: القطعة المذابة من الفضة وقيل الذوب هي تبر انتهى، ولا يخفى أن كون الدراهم تنصرف إلى الفلوس في شروط الواقفين في مصر مطلقاً أخذاً مما في (الفتح) فيه نظر إذ غاية ما فيه الإحالة على زمنه ولا يلزم منه أن يكون كل زمن كذلك، والذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف، فإن لم يعرف صرف إلى الفضة لأنه الأصل.
وأما قيمة كل درهم منها فقال في (البحر): بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة وكنت استفتيت بعض المالكية عنها يعني به علامة زمانه ناصر الدين اللقاني فأفتى بأنه سمع ممن يوثق بأن الدرهم منها يساوي نصفاً وثلاثة من الفلوس قال: فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه، وقد اعتبر ذلك في زماننا لأن الأدنى متيقن به وما زاد عليه فهو مشكوك فيه، ولكن الأوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في (جامع الفصولين) من دعوى النقرة لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد، فلو ادعت مائة درهم وجب لها مائة وسط انتهى، فينبغي أن يعول عليه انتهى.
ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة الآن بنصف وثلث، وأنت قد علمت بأن القيمة تختلف باختلاف الأزمان ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف والله الموفق، ثم رأيت رسالة للإمام الحافظ المقريري سماها (شذور العقود في ذكر النقود)، وأن الملك الكامل ناصر الدين بن العادل بن أيوب في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وست مائة أمر بضرب دراهم مستديرة وجعل الدرهم منها ثلثيه من فضة خالصة وثلثه من نحاس فاستمر بذلك بمصر والشام مدة أيام بني أيوب فلما انقرضوا وقامت مماليكهم الأتراك من بعدهم أبقوا سائر شعائرهم وأبقوا بهم في جميع أحوالهم، وأقروا نقدهم على حاله