للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قضى زيف عن جيد وتلف فهو قضاء

ــ

من أجل أنهم كانوا يفتخرون بالانتماء إليهم. فلما ولي الملك الظاهر بيبرس البنقداري الصالحي النجمي ضرب دراهم ظاهرية وجعلها من سبعين درهماً فضة خالصة وثلاثين نحاساً فلم تزل الكاملية والظاهرية بمصر إلى أن فسدت في سنة/ إحدى وثمانين وسبعمائة بدخول الدراهم الحموية فكثر تعنت الناس فيها، وكان ذلك في إمارة الظاهر برقوق فلما تسلطن أكثر من ضرب الفلوس وأبطل ضرب الدراهم إلى أن قدم الملك المؤيد شيخ من الشام في رمضان سنة عشر وثمان مائة فوصل مع العسكر وأتباعهم من الدراهم البندقية والبندروزية فتعامل الناس بها وحسن موقعها، فضربت الدراهم المؤيدية في شوال فتعامل الناس بها انتهى، وعلى هذا فقيمة الدرهم في الشيخونية والصرغشمشية ونحوهما صنفان، وهذا النقل هو المعمول عليه دون غيره والله أعلم.

(وإن قضى زيف) وهو ما زيفه بيت المال، أي رده (عن) دراهم (جيد) كانت عليه (وتلف) بأن هلك أو استهلكه في الإنفاق، وما في (البحر) قيد بتلفها ليعم حكم ما لو أتلفها بالأولى فيه وهذا عندهما، وقال أبو يوسف: له أن يرد مثل الزيوف ويرجع بالجياد والخلاف مقيد بما إذا لم يعلم رب الدين بذلك حين القبض، فإن علم ورضي بذلك (كان قضاء) اتفاقاً ولو قال له: أنفقها، فإن لم ترد فردها علي كان له أن يردها استحساناً ولو قال البائع للمشتري حين أراد المبيع بعيب: بعه فإن لم يسترده فعرضه على البيع بطل خياره، والفرق أن المقبوض إذا لم يتجوز به بقي على ملك الدافع فصح أمره في التصرف فيه، أما العين فهي ملكه تصرفه فيها لنفسه فبطل خياره لهما أنه من جنس حقه حتى لو تجوز به فيما لا يجوز الاستبدال به كالصرف جاز، فيقع به الاستيفاء ولا يبقى حقه إلا في الجودة ولا يمكن تداركها بعد الهلاك، وله أن حقه في الوصف مرعي كهو في الأصل ولا يمكن رعايته بإيجاب ضمان الوصف لأنه لا قيمة له عند المقابلة بجنسه وجب المصير لما قلنا، وكون الجودة لا يمكن تداركها ممنوع هل ممكن بما ذكرنا لو وجدها ستوقة أو نبهرجة فهلكت، فإنه يرد مثلها اتفاقاً، فإن قالا: الستوقة ليست من جنس الجياد حتى يصير مقتضياً بالزيف وهن هذا قال فخر الإسلام: ما قالاه قياس وما قاله استحساناً.

وفي (إيضاح الإصلاح): قول محمد الأول مع الإمام، وقوله الآخر مع أبي يوسف وفي (الحقائق) نقلاً عن (العيون) ما قاله أبو يوسف حسن دفعاً للضرر فاخترناه للفتوى، وفي رهن (الجوهرة) علم لها قبل الإنفاق وأخذ بدلها كان الجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف، ولو كان له درهم فأعطاه درهمين صغيرين وزنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>