وما ربح الكفيل له وندب رده على المطلوب لو شيئًا يتعين
ــ
نسق واحد، وغاية الأمر سألت عن مسألة الرسالة هذا أسهل الأمرين فتأمله، ولو كانت الكفالة بغير الأمر يسترده لأنه لا ملك له ولا تعلق فيه، وعن هذا قال في (البحر): سئلت هل يعمل نهيه عن أدائه؟ فأجبت بأنه إن كان كفيلًا بالأمر لم يعمل نهيه لأنه لا يملك استرداده وإلا عمل لعدم ملكه له، ولهذا ظهر أن الكفالة توجب دينًا للطالب على الكفيل ودينًا للكفيل على المكفول عنه لكن دين الطالب حال، ودين الكفيل مؤجل إلى وقت الأداء، ولذا لو أخذ الكفيل من الأصيل رهنًا أو أبرأه أو وهب منه الدين صح فلا يرجع بأدائه، كذا في (النهاية).
ولا ينافيه ما مر من الراجح أن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة لأن الضم إنما هو بالنسبة إلى الطالب، وهذا لا ينافي أن يكون للكفيل دين على المكفول عنه كما لا يخفى وعليه هذا فالكفالة بالأمر توجب ثبوت دينين وثلاث مطالبات تعرف بالتدبر (وما ربح الكفيل) في المال قبل قضائه الدين يطيب (له) لأنه نما ملكه وهذا إذا لم يؤد الأصيل الدين ظاهر، وإن أداه كان فيه نوع خبث عند الإمام إلا أنه لا يظهر مع الملك فيما لا يتعين كالدراهم، ولو قبضه على وجه الرسالة لا يطيب له عندهما خلافًا لأبي يوسف لأن الخراج بالضمان، وعلى هذا الخلاف لو تصرف المودع في الوديعة وربح كذا في (العناية) وما في (الحواشي السعدية) هذا مخالف لما في (الشرح) من أنه حيث كان الدفع على وجه الرسالة لا يطيب له الربح بالاتفاق سبق نظر فإن المذكور فيه حكاية الخلاف أيضًا، (وندب رده) أي: الربح (على المطلوب لو) كان المأخوذ منه (شيئًا يتعين) كحنطة ونحوها هذا/ هو أحد الروايات عن الإمام وهو الأصح، فإن كان فقيرًا طاب له، وإن كان غنيًا ففيه روايتان، والأشبه أنه يطيب له أيضًا وعنه أنه لا يرده بل يطيب له وهو قولهما لأنه نماء ملكه وعنه أنه يتصدق به وجه الأصح أن الخبث لحق المطلوب فإذا رده إليه وصل إليه ما يستحقه لكنه استحباب لا جبر، يعني لا يجبره الحاكم على ذلك.
قال في (الفتح): إذا كان المراد بالاستحباب ما يقابل جبر القاضي يكون المعنى لا يجبره القاضي لكن يفعله هو ولا يلزم من عدم جبر القاضي عدم الوجوب فيما بينه وبين الله تعالى فجاز أن يكون واجبًا بينه وبين الله تعالى وهو مستحب في القضاء غير مجبور عليه انتهى. وأنت خبير بأن هذا، أعني الوجوب فيما بينه وبين الله تعالى بعد كونه نماء ملكه مما لا يعرف شرعًا فلم يبق إلا التنزه عما في ملكه من الخبث التمكن فيه لتعينه وهو مندوب، وهذا معنى قول الإمام أحب إلي أن يرده على الذي قضاه، ولا يجب ذلك في الحكم إذ لو وجب حقًا للعدد لأجبره الحاكم عليه.