ولو أمر كفيله أن يتعين عليه حريرًا ففعل فالشراء للكفيل والربح عليه
ــ
(ولو أمر الكفيل أن يتعين) أي: يشتري (عليه حريرًا ففعل) ما أمر به من الشراء بالعينة وهو أن يشتريه بأكثر من قيمته ليبيعه بأقل من ذلك الثمن لغير البائع ثم يشتريه البائع من ذلك الغير بالأقل الذي اشتراه به ويدفع ذلك الأقل إلى بائعه فيدفعه بائعه إلى المشتري المديون تحرزًا عن شراء ما باع بأقل مما باع قبل فقد الثمن وقيل: هو أن يطلب منه القرض فيأبى عليه فيبيعه ثوبًا يساوي عشرة بخمسة عشر نسيئة رغبة في نيل الزيادة ليبيعه بعشرة ويتحمل خمسة سمي به لما فيه من الإعراض عن الدين إلى العين وهو مكروه لما فيه من الإعراض عن مبرة الإقراض مطاوعة لمذموم البخل، كذا في (الهداية) مقتصرًا عليه، وادعى في (الفتح) أنه لا يصح هنا إذ ليس المراد من قوله تعين على حريرًا اذهب فاستقرض، فإن لم يرض المسؤول أن يقرضك فاشتر منه الحرير بأكثر من قيمته بل المقصود اذهب فاشتر على هذا الوجه انتهى.
أقول: لم لا يجوز أن يكون المراد أعرض عن الدين إلى العين حيث لم يتيسر ذلك؟ ومن صور العيبة أن يقرضه مثلًا خمسة عشر ثم يبيعه ثوبًا يساوي عشرة بخمسة عشر ويأخذ الخمسة العشر القرض التي دفعها له فلم تخرج عنه إلا عشرة، وثمة صور أخر يطول الكلام عليها ثم قال أبو يوسف: هذا البيع مكروه لأنه فعله كثير من الصحابة وحملوا عليه وقال محمد: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا وقد ذمهم الشارع عليه فقال: إذا تبايعتم بالعينة وابتعتم أذناب الإبل ذللتم وظهر عليكم عدوكم أي اشتغلتم بالحرث عن الجهاد.
قال في (الفتح): والذي يقع في قلبي أن ما يخرجه الدافع إن فعلت صورة يعود دينها إليه هو أو بعضه كعود الحرير إليه في الصورة الأولى، وكعود الخمسة في صورة إقراض الخمسة عشر فيكره يعني تحريمًا وما لم ترجع إليه العين التي خرجت منه لا يسمى بيع العينة كالصورة المتقدمة عن (الهداية) فلا كراهة فيها إلا خلاف الأولى انتهى مخلصًا، وقال قبله: ذم مشايخ بلخ البياعات الآن حتى قال ابن سلمة لتجارهم: إن العينة خير من بياعاتكم وهو صحيح فكثير من البياعات كالزيت والعسل والسيرج استقر الحال فيها على وزنها مظروفة ثم أسقط مقدار معين على الظرف وبه يصير البيع فاسدًا، ولا شك أن البيع الفاسد حكم الغصب المحرم فإن هو من بيع العين الصحيح المختلف في كراهته انتهى.
(فالشراء للكفيل والربح عليه) لأن هذا ضمان لما يخسر المشتري نظرًا لما قوله على وهو فاسد لأن الحرير غير معين، وكذا الثمن بجهالة ما زاد على الدين، وأيًا ما