للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو علوت شرفًا وهبطت واديًا، أو لقيت ركبًا وبالأسحار رافعًا صوتك،

ــ

(أو علوت) أي: صعدت (شرفًا) بفتحتين يعني مكانًا مرتفعًا وقيل: إنه بضم الشن جمع شرفة قال بعض المتأخرين: هذا غير مناسب لقوله: (أو هبطت واديًا) إنما المناسب من الأول انتهى. يعني ليتناسق المعطوف عليه إفرادًا إذا بتقدير الأول كان ينبغي أن يقول: أو هبطت أو دية يعني من الأمكنة العالية (أو لقيت ركبًا) وهو أصحاب الإبل في السفر ولا يطلق على ما دون العشرة وهذا خرج مخرج العادة وإلا فالحكم كذلك إذا لقي بعضهم بعضًا كما عبر به بعضهم.

(وبالأسحار) عطف على متى صليت أي: وفي وقت الأسحار قيل: لو قال: أو أسحرت لكان أولى وهو ظاهر وخص الأسحار لأن فيها يستجاب الدعاء فهذه مواضع خمسة كان- صلي الله عليه وسلم- يلبي فيها ذكره في (الإلمام) وفي رواية ابن أبي شيبه عن خثيمة: (كانوا يستحبون التلبية عند هذه المواضع وزاد أو إذا استقلت بالرجل راحلته) ولذا قال الشارح: وعند كل ركوب ونزول وكذا لو استعطف دابته وفي (البدائع) وغيرها وكذا عند استيقاظه من منامه وأخرج الحاكم عنه عليه السلام: (ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله) قال في (الفتح): وهذا دليل ندب الإكثار غير مقيد بتغير الحالات وندب أن يكررها كلمًا أخذ فيها ثلاث مرات ويأتي بها على الولاء ولا يقطعها بكلام ولو رد السلام في خلالها جاز لكنه يكره السلام عليه في هذه الحالة وإذا رأى ما يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة ثم يصلي على النبي- صلي الله عليه وسلم- سرًا ويدعو بما شاء من الأدعية وأن يتبرك بالمأثور فحسن (رافعًا صوتك) بها لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (أتاني جبريل فأمرني أن أمر أصحابي في أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية) رواه أبو داود وغيره ولأنها من شعائر الحج والسبيل فيها الإظهار والإشهار كالأذان ونحوه ولا ينبغي أن يجهد نفسه كيلاً يتضرر ولا تنافي بين هذا وبين ما جاء (أفضل الحج العج والثج) أي: أفضل أفراد الحج حج يشتمل على هذا لا أفضل أفعاله إذ الطواف والوقوف أفضل منهما والعج رفع الصوت بالتلبية والثج إسالة الدم بالإراقة لأن الإنسان قد يكون جهوري الصوت طبعًا فيحصل الرفع العالي مع عدم نعيه به وهذا الحديث هو الصارف للأمر الأول عن الوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>