جواز نكاحهم ولو بملك يمين وهو قول الصحابة وفقهاء الأمصار وعليه أجمع الأئمة الأربعة لخبر:(سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم) قال المطرزي: أي اسلكوا بهم طريقتهم يعني عاملوهم معاملتهم في إعطاء الأمان بأخذ الجزية منهم وغير نصب على الحال وما قيل من أنهم كان لهم كتاب فواقع ملكهم أخته فأسرى به فنسوه رد بأن العبرة للحالة الراهنة على أنه في (القاموس) قال: مجوس كصبور صغير الأذنين وضع ديناً ودعا إليه.
(و) حرم أيضاً تزوج (الوثنية) نسبة إلى عبادة الوثن وهو ما له جثة أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت والجمع أوثان والصنم صورة بلا جثة هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة، وقيل: لا فرق وقيل: يطلق الوثن على غير الصورة كذا في (البناية)، وحرمة نكاحها بالإجماع والنص ويدخل في عبدة الوثن عبدة الشمس والنجوم والصور المستحسنة والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية وكل مذهب يكفر به معتقدة لأن اسم الشرك يتناول الكل.
وأما المعتزلة: فتجوز مناكحتهم لأنا لا نكفر أحداً من أهل القبلة وإن وقع إلزاماً في المباحث بخلاف من خالف القواطع المعلومة من الدين بالضرورة كالقائل بقدم العالم ونفي العلم بالجزئيات على ما صرح به المحققون. أقول: وكذا القول بالإيجاب بالذات ونفي الاختيار كذا في (الفتح) قال في (البحر): إن من اعتقد مذهباً بكفره إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك وإن طرأ عليه فهو مرتد (وحل تزوج الكتابية) ولو حربية لقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}[المائدة: ٥] أي: العفائف واعترض بأنهم مشركون لقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله} إلى قوله: {سبحانه عما يشركون}[التوبة: ٣٠] ومن ثم جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه جواز عدم نكاحهم وأجيب بأن الله تعالى عطفهم على المشركين في قوله: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين}[البينة: ١] والعطف يقتضي المغايرة فإن قلت: اتخاذهم ما ذكر أرباباً صريح في شركهم قلت: إنما كانوا يعظمونهم تعظم الأرباب فشبه ذلك باتخاذهم إياهم أرباباً ثم حذف المشبه وذكر المشبه به استعارة تصريحية وقوله: {عما يشركون} تصريحية تبعية وذلك أنه شبه اتخاذهم بالأحبار والرهان أرباباً بشرك المشركين وسرى ذلك إلى الفعل ثم حذف المشبه وذكر المشبه به كذا في (العناية) وتعقبه في (الحواشي السعدية) بأنه إنما