للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصابئة،

ــ

يصار إلى المجاز في الآية لو كانت دلالة العطف على المغايرة أقوى من دلالته على الاتحاد مع أن قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: ٤٨] قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} [المائدة: ٧٣] يدل على أنهم مشركون فتقدير (النهاية) أوضح حيث قال: وعلم من العطف أن الاشتراك صار مغلوباً منهم ولم يلتفت لوجوده انتهى. بقي أن إطلاق المصنف يقتضي جواز النكاح وإن قال: إن الله تعالى ثالث ثلاثة وهو اختيار السرخسي وعلى هذا حل ذبحيته لكن في (المستصفى) قالوا: هذا إذا لم يعتقد المسيح إلهاً أما إذا اعتقدوه فلا يوافقه ما في (مبسوط شيخ الإسلام): يجب أن لا تؤكل ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيزاً إله وأن لا تزوجوا نساءهم، قيل: وعليه الفتوى.

واعلم أن من اعتقد ديناً سماوياً وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم، كذا في (الشرح) وفي (الدراية) الأولى أن لا يفعل ذلك إلا لضرورة وما في (الخانية) من كراهة تزوج الكتابية إذا كانت حربية محمول على التنزيه، يتحتم للمسلم منع زوجته الذمية من/ الخروج إلى الكنائس واتخاذ الخمر في منزله أما شربها منه فلا لأنه حلال عندها كذا في (الخانية) لكن المذكور في ظهار (البزازية) أن له المنع كالمسلمة إذا أكلت الثوم أو البصل أو ما ينشف الفم لأن القبلة حقه وذلك يخل بها لو يكرهه.

(و) حل أيضاً تزوج (الصائبة) من صبأ إذا خرج من الدين وهم قول خرجوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الكواكب، وفي (الصحاح) أنهم من أهل الكتاب كذا في (العناية) فقيل: من اليهود كالسامرة وعليه السدي وقيل: من النصارى كذا في (البناية) وظاهر صنيع المصنف يعطي أنهم من أهل الكتاب إذ لا تحل مناكحة غيرهم، وعطفهم على أهل الكتاب من قبيل عطف الخاص على العام فقول صاحب (الهداية) إن كانوا يدينون بدين نبي ويقرون بالكتاب لأنهم من أهل الكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم يجز مناكحتهم ليس تقييداً لإطلاق ما في (الكتاب) كما توهمه في (البحر) بل هو تمهيد لقوله والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم وأراد به ما حكي عن الإمام من حل نكاحهم بناء على تفسيرهم بالشق الأول وحكى عنهما الحرمة بناء على تفسيرهم بالشق الثاني نعم ظاهر ما في (الهداية) يعطي أنهم لو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب يجوز نكاحهم وهو قول البعض، والصحيح أنهم حيث عبدوها فليسوا أهل الكتاب كما في (المجتبي). وما مر من أن معنى الإشراك صار مغلوباً يؤيد قول البعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>