وإن نوى واحدة وثنتين فثلاث وثنتين في ثنتين ثنتان وإن نوى الضرب ومن هاهنا إلى الشام واحدة رجعية
ــ
قال في (الفتح): وهذا لا معنى له بعد قولنا أن عرف الحساب في التركيب اللفظي كون أحد العددين مضعفا بعدد الأجزاء والعرف لا يمنع والغرض أنه تكلم بعرفهم وأراداه فصار كما لو أوقع بلغة أخرى فارسية أو غيرها وهو يدريها، وكذا الإلزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير لأن ضرب درهمه في مائة ألف مثلا إن كان على معنى الإخبار كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب، وإن كان على وجه الإنشاء كجعلته في مائة لا يمكن لأنه لا ينجعل بقوله ذلك، وليس الكلام في ذلك وعن هذا اختار قوله في (غاية البيان) أيضا وما أجاب به في (البحر) من أن اللفظ لما لم يكن صالحا لم يعتبر فيه العرف ولا النية كما لو نوى بقوله اسقني الماء الطلاق ممنوع بالفرق البين بينهما.
(وإن نوى) بقوله في اثنتين (واحدة واثنتين فثلاث) إن كانت مدخولا بها وإلا فواحدة لأنه نوى ما لا يحتمله كلامه وفيه تشديد على نفسه، وذلك أن الواو للجمع والظرف بمعنى المظرف أما لو نوى معنى لفظة مع وقع الثلاث ولو غير مدخول بها لأن كلمة في تأتي بمعنى مع كما في قوله تعالى:{فادخلي في عبادي}[الفجر: ٣٠] عند بعض أهل التأويل / وهذا لأن أحد العددين لا يصلح ظرفا للآخر وبين الظرف والمظروف معنى المعية فاستعير له كذا في (العناية) لكن لا مانع من حمل الظرفية في الآية على بابها بل هو الظاهر وإليه يرشد قول العلامة: المراد ادخلي في عبادي وقيل: في أجساد عبادي ويؤيد قراءة في عبدي، قال في (الفتح): على أن تأويلها بمعنى مع ينبو عنه وادخلي جنتي فإن دخلها معهم ليس إلا إلى الجنة، فالأوجه أن يستشهد على ذلك بنحو قوله تعالى:{ونتجاوز عن سيآتهم في أصحاب الجنة}[الأحقاف: ١٦] وسكت عما إذا نوى الظرفية لأن حكمه كما إذا لم ينو شيئا، (و) قال: أنت طالق (اثنتين في اثنتين) فالواقع (اثنتان) يعني: إذا لم ينو شيئا أو نوى الضرب أو الظرف، (وإن نوى) معنى الواو أو مع فعلي ما مر.
(و) لو قال: أنت طالق (من هنا إلى الشام) بسكون الهمزة تقع (واحدة رجعية) وقال زفر: بائنة لأنه وصفه بالطول وأورد عليه أنه لو وصفه به أو بالعرض صريحا تقع واحدة رجعية عنده وأجيب باحتمال كونه يفرق بين وصفه به صريحا فيوقع به الرجعي وكناية فيوقع به البائن لأن الكناية أقوى من الصريح لكونها دعوى الشيء ببينة، ألا ترى أن قولهم: فلان كثير الرماد أبلغ من جواد، وجوز في (الكافي) أن يكون عنه روايتان.