وبمكة، أو في مكة أو في الدار تنجيز، وإذا دخلت مكة تعليق.
ــ
قال في (العناية): وهذا أقرب قلنا: بل وصفه بالقصر لأنه متى وقع في مكان وقع في كل الأماكن فتخصيصه بالشام تقصير بالنسبة إلى ما وراءه ثم هو لا يحتمل القصر حقيقة فكان قصر حكمه وهو بالرجعي وطوله بالبائن ولأنه لم يصفها بعظم ولا كبر بل مدها إلى مكان وهو لا يحتمله فلم يثبت به زيادة في شدة على أن التمرتاشي يقول: إنما قصد المرأة لا الطلاق ووجهه في (الفتح) بأنه حال ولا يصلح صاحب الحال في التركيب إلا الضمير في طالق حتى لو وصفها بكبر أو عظم أو طول بأن قال: كبيرة أو عظيمة أو طويلة كانت بائنا كما في (المحيط).
(و) لو قال: أنت طالق (بمكة أو في مكة أو في الدار) أو في ثوب كذا وعليها غيره أو مريضة أو مصلية أو وأنت مريضة أو في الظل أو في الشمس فهو (تنجيز) لأن الطلاق لا يتصور أن يتعلق بمكان بعينه دون غيره بخلاف الزمان لأن بينه وبين الفعل مناسبة من حيث أنهما لا بقاء لهما ولا كذلك المكان، ولو عنى إذا أنت بمكة أو إذا لبست أو مرضت أو صليت ونحو ذلك صدق ديانة.
(و) لو قال: (إذا دخلت مكة) فهو (تعليق) لوجود الشرط وكذا لو قال: في دخولك إياها أو في مرضك أو صلاتك لصحة استعارة الظرف لأداة الشرط المقاربة بين معنى الشرط والظرف من حيث أن المظروف لا يوجد بدون الشرط فيحمل عليه عند تعذر معناه، أعني: الظرف، وفي (المحيط) أنت طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة طلقت للحال وإن نصبها تعلقت والفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فكان فاصلا وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة فلم يكن فاصلا وفيه أيضا معزيا إلى (الجامع) ولو قال: أنت طالق فيها دخولك الدار طلقت للحال لأنه جعل الطلاق ظرفا للدخول وأنه لا يصلح ظرفا فبقي مرسلا انتهى. إن الضمير حينئذ يرفع للطلقة الواحدة وهو ظاهر في أنه لو قال: فيه فالحكم كذلك بل هو أظهر لرجوع الطلاق وفي (الخانية) لو قال: لدخولك الدار ولحيضك طلقت، ولو بالباء الموحدة لا تطلق حتى تدخلها وتحيض وفي (المحيط) أنت طالق في حيضك وهي حائض لم تطلق حتى تحيض أخرى ولو قال: في حيضة أو في حيضتك فحتى تحيض وتطهر ولو في ثلاثة أيام طلقت للحال لأن الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات، ولو عنى في مجيء ثلاثة أيام لم تطلق حتى يجيء الثالث لأن المجيء فعل فلم يصلح ظرفا فصار شرطا ولا يحتسب باليوم الذي حلف فيه لأن الشروط تعتبر في المستقبل لا في الماضي جزء منه، ولو قال في مضي يوم طلقت في الغد من مثل تلك الساعة، ولو قال: في مجيء يوم طلقت يطلع الفجر من الغد والله الموفق بمنه وكرمه.