للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فائدة]

قال في المصباح: نسيت الشيء أنسيه نسيانا مشترك بين معنيين أحدهما ترك الشيء على ذهول وغفلة وذلك خلاف الذكر له، والثاني الترك على تعمد وعليه (١): {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] أي لا تقصدوا الترك ولا الإهمال وتعدي إلى ثان بالهمزة والتضعيف ونسيت ركعة أهملتها (٢) غفلة انتهى.

والخامس ما أشرت له بقولي أو أي ومن عن قراءة للفاتحة بسنة كتعوذ ودعاء افتتاح شغل أي اشتغل والحال أنه موافق ظن إدراكا لها أي لقراءة الفاتحة بعد السنة مع الإمام كما نقل عن العلماء وقد ركع إمامه فالأصح من ثلاثة [ق١٩١/ب] أوجه ذكرها ابن العماد في القول التمام أنه معذور كبطيء القراءة فيأتي فيه ما مر فيختلف (٣) لقراءتها أو إتمامها ويلحق إمامه فيما هو فيه فإن خالف ولم يتمها بل ركع عامدا عالما بطلت صلاته؛ لتركه القراءة عمدا كما أشار إليه في شرح المهذب (٤) وأورد على أن تعبيرهم بسنة أنه يقتضي أنه إذا لم يندب له دعاء الافتتاح لا يكون معذورا إذا اشتغل به وليس كذلك بل هو معذور وعبارة الرملي وابن حجر واللفظ للثاني: وظاهر (٥) كلامهم هنا عذره وإن لم يندب له دعاء الافتتاح لو اشتغل به كما هو المعتمد وحينئذ يشكل بما مر في تارك الفاتحة متعمدا إلا أن يُفَرَّقَ بأن له هنا نوع شبهة لاشتغاله بصورة سنة بخلافه فيما مر وأيضا فالتخلف لإتمام الفاتحة أفحش منه هنا ويشكل أيضا بما يأتي في المسبوق مع أن سبب عدم عذره كونه اشتغل بالسنة عن الفرض إلا أن يفرق بأن المسبوق يتحمل عنه الإمام فاحتيط له بأن لا يكون صرف شيئا لغير الفرض والموافق لا يتحمل عنه فعذر للتخلف لإكمال الفاتحة وإن قصر بصرفه بعض الزمن لغيرها لأن تقصيره باعتبار ظنه دون الواقع والحاصل [ق١٩٢/أ] من كلامهم أننا بالنسبة للعذر وعدمه ندير الأمر على الواقع وبالنسبة لندب الإتيان بنحو التعوذ ندير الأمر على ظنه انتهى. (٦) فإن تحقق فوت الفاتحة إذا اشتغل بالسنة فلا عذر له في التخلف كالبطيء؛ لأنه مقصر بل إن أتم الفاتحة وأدرك الإمام في الركوع وإلا فاتت الركعة وفي بطلان صلاته وجهان أصحهما لا تبطل إن أدركه في الاعتدال فأن لم يدرك معه الاعتدال بطلت صلاته. انتهى والوجه الثاني من الأوجه الثلاثة أن يركع مع الإمام وتسقط عنه القراءة وتحسب له الركعة وهو نصه في الإملاء (٧) كما أفاده البندبيجي (٨) وعليه فلو اشتغل


(١) بالأصل: على، والتصويب من المصباح.
(٢) وتمام العبارة في المصباح: أهملتها ذهولا ورجل نسيان وزان سكران كثير الغفلة.
(٣) كذا بالأصل، والصواب: فيتخلف.
(٤) المجموع شرح المهذب (٤/ ٢١٣) لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي.
(٥) في الأصل: "وظه" والصحيح ما أثبتناه.
(٦) تحفة المحتاج (٢/ ٣٤٧).
(٧) أي الإمام الشافعي له كتاب الإملاء الصغير وكتاب الأمالي الكبيروموضوعه الفقه والخلاف ولعله جزء من كتابه المبسوط فقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٢٧٢): "وقول الشافعي رحمه الله في الإملاء في كتاب الجمعة من المبسوط". وقال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (٤/ ١٤٣): "والاملاء من كتب الشافعي رحمه الله تعالى يتكرر ذكره في هذه الكتب وغيرها من كتب أصحابنا، وهو من كتب الشافعي الجديدة بلا خلاف، وهذا أظهر من أن أذكره، ولكن استعمله في المهذب في مواضع استعمالا يوهم أنه من الكتب القديمة ... وقد ذكر الإمام الرافعي في مواضع كثيرة بيان كونه في الكتب الجديدة وكأنه خاف ما خفته من تطرق الوهم، وأما الأمالي القديمة الذي ذكره في المهذب فمن الكتب القديمة وهو غير الإملاء المذكور".
(٨) الحسن بن عبد الله بن يحيى، أبو علي البندنيجي: قاض، من أعيان الشافعية. من أهل بندنيجين (القريبة من بغداد، وهي مندلي الآن) سكن بغداد، وأفتى وحكم فيها. وعاد إلى بلده في آخر عمره فتوفي بها عام ٤٢٥ هـ. له (الجامع) قال الإسنوي: هو تعليقة جليلة المقدار قليلة الوجود، و (الذخيرة) قال أيضا: كتاب جليل. كلاهما في فقه الشافعية، وترجمته في: الأعلام للزركلي (٢/ ١٩٦)، البداية والنهاية (١٢/ ٣٧)، طبقات السبكي (٣/ ١٣٣).

<<  <   >  >>