للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله الذي وفق من شاء من الأنام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام كل إمام وآله وأصحابه الأئمة الأعلام، وعلى أتباعه (١) المقتدين به في جميع الأحكام، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم القيامة.

وبعد ..

فلما كانت مسائل المأموم المعذور كثيرة الحصول عسيرة الوصول خصوصا على مثلي ممن ليس له معقول (٢) أحببت إفرادها بنظم عجيب، وشرح عليه غريب؛ ليقرب علي بعض ذلك، ويسهل علي ما هنالك، وقد شرعت الآن في الشرح بعد أن سمعت النظم المذكور وسمعه شيخي وأستاذي الذي هو بالفضل مشهور سيدي الشيخ نور الدين علي الميهي (٣) نظر الله إلينا واليه (٤)، وجعلنا وإياه من المقربين لديه، واقرني بعد ذلك عليه، ودعا له بالنفع


(١) والصلاة على الآل والأصحاب والأتباع هنا جاءت تبعا للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف العلماء في حكم الصلاة على غير الأنبياء تبعا واستقلالا، وقال ابن القيم في "جلاء الأفهام" (ص: ٤٨١) بعد أن عرض الخلاف بين العلماء وناقش أدلتهم: "وفصل الخطاب في هذه المسألة إن الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون آله وأزواجه وذريته، أو غيرهم فإن كان الأول: فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وجائزة مفردة.
وأما الثاني فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا، فيقال: اللهم صل على ملائكتك المقربين، وأهل طاعتك أجمعين، وإن كان شخصا معينا، أو طائفة معينة كره أن يتخذ الصلاة عليه شعارا لا يخل به، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه، ولاسيما إذا جعلها شعارا له، ومنع منها نظيره، أو من هو خير منه، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه، فإنهم حيث ذكروه قالوا: عليه الصلاة والسلام، ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه، فهذا ممنوع لاسيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به، فتركه حينئذ متعين، وأما إن صلى عليه أحيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا، كما صلى على دافع الزكاة، وكما قال ابن عمر للميت صلى الله عليه، وكما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها، وكما روي عن علي من صلاته على عمر، فهذا لا بأس به، وبهذا التفصل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب والله الموفق".
(٢) وهذا من تواضعه رحمه الله، وفيه إشارة إلى أن هذه المسائل التي سوف يتكلم عنها لم ينقل فيها أدلة شرعية، وإنما تخضع للرأي والقياس والاجتهاد.
(٣) المِيهِي هو نور الدين علي بن عمر بن أحمد بن عمر بن ناجي بن فنيش العوني الميهي، وهو قارئ متصوف شافعيّ مجود ماهر، وفيه أنس وتواضع وتقشف وانكسار، كان ضريرا، والميهي نِسبة إلى بلدة (الميه) بمحافظة المنوفيَّة بمصر، ولد بها سَنَة ألف ومائة وتسع وثلاثين هجريًّا،، ثم انتقل بعدَ ذلك إلى مدينة طندتا " المسماة اليوم "طنطا" وجلَس فيها في الجامع الأحمدي ودرَّس شيئًا من العلوم والقراءات، حتى تُوفي بها سنة أربع ومائتين وألف من الهجرة. من آثاره: هداية الصبيان لفهم بعض مشاكل القرآن، والرقائق المنظمة على الدقائق المحكمة، انظر ترجمته في: تاريخ الجبرتي (٢/ ٢٦٩)، إيضاح المكنون (٤/ ٧٢٠)، الأعلام (٤/ ٣١٦)، معجم المؤلفين (٧/ ١٥٧).
(٤) أي نظر رحمة ومغفرة، والمقصود يوم القيامة.

<<  <   >  >>