للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصبح في لَحْدٍ من الأرض ميِّتاً ... وكانت به حياً تضيق الضحاضح

فما أنا من رُزءٍ وَإِنْ جَلَّ جازِعٌ ... ولا بسرور بعدَ موتِكَ فارح

كأنْ لم يَمُتْ حَيٌّ سواك ولم تقم ... على أحدٍ إلا عليك النَّوائح

لئنْ حَسُنَتْ فيكَ المراثِي وَذِكْرُهَا ... لقد حَسُنَتْ من قبلُ فيكَ المدائح

سأبكيكَ ما فاضتْ دُموعي فإنْ تَقْضِ ... فَحَسْبُكَ مِنِّي ما تحنُّ الجوانِحُ

وكتب أبو القاسم بن الجد في المعنى:

لا بدَّ منْ فقْدٍ ومنْ فاقدٍ ... هيهاتَ ما في الناسِ منْ خالِدِ

كُنِ المُعَزّي لا المُعَزّى بِهِ ... إنْ كانَ لا بُدَّ منَ الواحِدِ

إذا لمْ يَكُنْ بُد منْ تجَرُّعِ الحِمامِ، وتَشَتُّتِ النَّظامِ، وانصداع شملِ الكِرامِ، فمِنَ الاتفاقِ السعيدِ، والقدَرِ

الحميدِ، أنْ يرثَ أعْمار البيْتَةِ الكريمة مُشَيدُ عُلاها، وتسْلَمَ منَ القِلادَةِ وُسْطاها، فمَدارُ الكِنايةِ على

مُعَلاها، وفخَارُ الحَلْبَةِ بِمُحْرِزِ مداها، وفي هذه النُّبْذةِ إشارةٌ إلى منْ فَرَطَ منَ الإخوةِ الفُضلاء، ودَرَجَ

منَ السَّاداتِ النُّجَباء، فإنَّهم، وإنْ كانوا في رُتْبَةِ الفضلِ صُدُوراً، وبَدَوا في سماءِ النُّبْلِ بُدُوراً، فإنَّ

شمسَ عُلاكَ أبْهرُ أضْواءً، وأزْهرُ أنْواراً، وظِلَّ حمايتِكَ على بنيهم ومُخَلَّفيهم أنْدى آصالاً، وأبْرَدُ

أسْحَاراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>