للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أبَتْ كَبِدُ المشتاقِ أنْ تَسْأمَ الجَوَى ... ولو سئمتْ لم يَسْأم الجَسَدُ النِّضْوُ

لقدْ سَقَمَتْ أهْواؤُكُم فَزَلَلْتُمُ ... ولوْ صحَّتِ الأهْواءُ لا تّصَلَ الخطْوُ

وَليَ سيِّدٌ لمْ يَعْلَم النَّاسُ كُنْهَهُ ... قريبٌ فإنْ هَاجَرْتُهُ بعُدَ الشَّأوُ

جَوادٌ إذا فرَّ المُسِيءُ بِذَنْبِهِ ... إليه فأدْنى جُودِهِ الصَّفْحُ والعَفْوُ

تشاغَل أقْوامٌ بِخِدْمَةِ عِزَّةٍ ... فعَزُّوا وأعْلى عزَّهُمْ ذلكَ القَتْوُ

رَدَدْتُ بِحُبِّيهِ على النّاسِ حُبَّهمْ ... وهلْ كنْتُ أسْتَسْقي وفي يَدِيَ الدِّلوُ

وما سرني أنْ أملكَ الأرضَ كُلّها ... وأنَّ فُؤادي منْ مَحَبَّتِه خِلْوُ

ولوْ أنَّ قلبي في يَدَيَّ بلا هَوى ... لجُنَّ فما ظَنِّي به وهوَ الحشْوُ

إذا هاجَ لي شَوْقٌ تَيَمَّمْتُ نَحْوَه ... على أنَّ منْ أحْبَبْتُ ليسَ لهُ نَحْوُ

وليسَ لَهُ أيْنٌ وليسَ له لَدُنْ ... وليسَ لَهُ مثْلٌ وليسَ لهُ صِنْوُ

أمَثِّلُهُ في خَاطري فيفُوتُنِي ... وبالقَلْبِ منْ عِرْفانهِ التِّيهُ والزَّهْوُ

وقدْ طارَ حتَّى قرَّ في مطْلَعِ الهُدى ... فسَوْداؤُهُ حَضْرٌ وأضْلاعُهُ بَدْوُ

أُوَاصِلُهُ في كُلٍّ خَطْرَةِ خاطِر ... ولا لعبٌ عندَ الوِصال ولا لَهْوُ

وُقُوفاً على سُفْلِ البِساطِ تَجِلَّةً ... ولوْلا انْبِساطي كانَ موقِفيَ العُلْوُ

فواحسْرَتي إنْ خابَ مَسْعايَ عنكُم ... ولوْ خابَ أيضاً ما اعْتَرى حُبِّيَ السَّهْوُ

ولا كهذا فَلْيَهْوَ منْ كانَ ذا هَوى ... وإلاّ فحُبُّ النَّاسِ أكْثَرُه لهْوُ

سُقيتُ الهَوى صِرْفاً فَعربَدْتُ صاحِياً ... ولكنَّ صحْوي دُونَ أيْسَرِهِ النَّشْوُ

حَنَانَيْكَ إنَّ الحُبَّ كَأْسٌ شَرِبْتُها ... على ظَمَأ صَفْواً فكَدَّرني الصَّفْوُ

فدُونَكُمُ يا أيُّها الشَّرْبُ فانعَموا ... دُموعي لكم خمرٌ ونَوحي لكم شدْوُ

<<  <  ج: ص:  >  >>