للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بمكانك، ولا ترمْ، فاني وافيك عن قريب. فقلت: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين!

ثم مضى الى دار النساء، فما علمت به خبراً إلى أن ذهب من الليل عامته.

قال إسحاق: وكان المأمون من أشغف خلق الله بالنساء، وأشدهم ميلا اليهن. فعلمت أن النبيذ قد غلب

عليه، وأنهن قد أنسينَه أمري، وما كان تقدم له من ذكري لسرعة رجوعه. فقلت في نفسي: هو -

أعزه الله - في لذته، وأنا هنا في غير شئ. وفي َّبقية، وعندي صبيَّة، قد كنت اشتريتها. وكانت

نفسي متطلعة إلى افتضاضها، فنهضتُ مسرعاً عند ذكرها. فقال الخدم: يا سيدي! أيَّ شئ عزمت،

وأين تريد. قلت: أريد الإنصراف. قالوا: فإنْ طلبك أمير المؤمنين. قلت: انه أدام الله سروره من لذة

طربه، واشتغاله، وما هو فيه يشتغل عن طلبي. وقد كان بيني وبينه موعد، قد جاز وقته، ولا وجه

لجلوسي قال إسحاق وكنت مصدقَ القول في دار المأمون، مسموع القول، لا أعارض في شئ.

فخرجت أبادر الباب، فلقيني غلمان الباب، وأصحاب النَّوبة. فقالوا: يا سيدي إن غلمانك قد انصرفوا،

وكانوا قد جاؤوك بدابة، فلما علموا بمبيتك في الدار انصرفوا. قلت: لأصبر، وأنا أتمشى الى الدار

وحدي. قالوا: نحضرك دابة من دواب النَّوبة. قلت: لا حاجة لي بذلك. قالوا: فنمشي بين يديك

بمِشعل. قلت: ولا أريد ذلك. ومضيت حتى اذا صرت ببعض الطريق، وجدت حركة البول، فعدلت

الى بعض الأزقة، لئلا يراني أحد من العوام أبول على الطريق فَبُلت حتى إذا قمتُ لبعض الحيطان،

اذا بشئ معلق من بعض ذلك الدور الى الزقاق. فما تمالكت أن تماسحت، ثم دنوت الى ذلك الشيء،

لا أعرف ما هو فاذا أنا بزنبيل معلق كبير، بأربعة آذان فاذا هو ملبس بديباح، وفيه أربعة أحبُل

<<  <  ج: ص:  >  >>