للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إبريسم فلما نظرت إليه، وتبينته قلت: والله، إن لهذا لسبباً، وإن له امرا. وأقمتُ ساعة أروِّي أمره،

وأفكر فيه، حتى اذا طال ذلك، قلتُ: والله لأتجاسر، ولأجلسن فيه، يكون ذلك ما يكون. ثم لففت

رأسي بردائي، وجلست في جوف الزنبيل. فلما أحسَّ من كان على ظهر الحائط بثِقله جذبوا الزنبيل

اليهم، حتى انتهوا إلى ظهر الحائط، فإذا بأربعة جوار صغار، يقلن لي: انزل بالرحب والسعة.

أصديق أم جديد؟ فقلت: لا بل جديد. فقلن: يا جارية قومي بين يديه بالشمعة وأبدرت بين يدي

بشمعة، حتى نزلت الى دار نظيفة بها من الحُسن والظرف والنظافة ما حِرْتُ له، ثم أدخلتني الى

مجالس مفروشة ومناصِّ مرصوصة، بصنوفٍ من الفرش الذي لم أر مثله إلا في دار ملك أو خليفة،

فجلستُ في أدنى مجلس من تلك المجالس، فما شعرت بعد ساعة إلا بضَجَّة وجَلَبَة وستُور قد رُُفِعَتْ

في ناحية من نواحي الدار، وإذا بوصائف يتَسَاعيْن، في أيدي بعضهنَّ الشمع، وبعضهن المجامر،

يسجر فيهن فيهن العود والعنبر، واذا بينهن جارية، كأنها قمر طالع على الغصون، فما تمالكت عند

رؤيتها أن نهضت فقالت: مرحبا بك من زائر، وليس تلك عادتك. وجلست، ورفعت مجلسي عن

الموضع الذي كنت فيه. فقلت: عن ما قصد: والله، الى ذلك، ولا أعلم كان وقع الي. فقالت: فعلى كل

حال أنسيت. قلت: انصرفت من عند بعض اخواني،

<<  <  ج: ص:  >  >>