للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها. فقلت له: خذ دنانيرك والرِّبح. فقال: ما كنتُ لآخذ ديناراً ولا درهماً،

فقلت: ولم ذلك؟ قال: لأني أتاني البارحة آتٍ في منامي. فقال لي: ردَّ الجارية على ابن عبيد، ولك

على اللَّه الجنَّة، قال ابن عبيد: فأنشدته عند ذلك:

لَوْ تَرَاني وقَد هَدَتْ كلُّ عَيْن ... وَدُمْوعي تجري على الخدَّين

ربِّ ياسيدي بِفَضْلكَ والقُدْ ... رَة يَسِّرْ وِصَالَ قُرَّة عَيْني

وحكى أبو الفرج، قال:

كان للحسن بن رجاء جارية رائعة الجمال، فائقة الكمال، فعلم بها المعتز باللَّه، فأخذها منه، وكان

الحسن يحبها حبّاً شديداً وتحبه، فشرب معها المعتز ذات ليلة، فسكر قبلها، وبقيت وحدها جالسة، ولم

تبرح من المجلس هيبة منه، فتذكرت ما كانت فيه، فأخذت العود، وغنت عليه، بصوت حزين، عن

قلب قريح:

لاَ كانَ يَومُ الفراق يوماً ... لم يُبْقِ للمقلتين نَوْمَا

شَتَّتَ مني ومنك شَملاً ... فَسَرَّ قَوماً وسَاءَ قَوْمَا

يا قومِ مالي ووجد قلب ... يَسُومُنِي في العذاب سَوْمَا

مَالاَمَني النَّاسُ فيه إِلاّ ... بَكِيتُ كَيما أُزَادَ لَوْمَا

فلما فرغت من صوتها، رفع المعتز رأسه إليها، والدمع يتحدّر على خدّها، كالفريد انقطع سِلكه،

فسألها عن الخبر، وحلفها أن يُبلغها أملها، فأعلمته الخبر، فردها إلى الحسن، وأحسن إليه، وألحقه في

ندمائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>