للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْبقَتْهُ ذنوبه، وكثرت عيوبه؛ فالبكاء مثله قليل. وأنشأ يقول:

مَنْ كَانَ حِينَ تُصِيبُ الشمسُ جَبْهَتَهُ ... أَو الغُبَارُ يَخَافُ الشمسَ وَالشَّعَثَا

وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ ... فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْماً رَاغِماً جَدَثَا

فِي ظِلِّ مُظْلِمَةٍ غَبْرَاءَ مُوحِشَةٍ ... يُطِيلُ تَحتَ الثَّرَى في جَوْفِها اللَّبَثَا

تَجَهَّزِي بِجِهَازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ ... يَا نَفْسُ قَبلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا

ثم مسح عينيه، وأدناها من نفسه؛ فلما رأته الجارية قد ألفها، وحنّ إليها، قالت: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) إلى آخر الآية، ثم

قالت: يا أمير المومنين؛ أين أنت، من قول امرئ القيس:

مِنَ القَاصِراتِ الطَّرْفِ لَوْدبَّ مُحْوِلٌ ... مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الأنف مِنْها لأَثَّرَا

يا أمير المومنين! الذي جمعنا في الدنيا، قادر أن يجمعنا في الآخرة في الجنة، ومستقر الرضوان

والرحمة.

قال: فانشرح إليها، وبقي معها بقية يومه.

وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله من الفضلاء، وأحد الشهداء. ودام في الخلافة سنتين وستة

أشهر وأربعة عشر يوماً. وكان للعدل في أيامه ظهور، ولأهله حبور وسرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>