للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأله سائل عن أكل لحم ابن آدم مَيِّتاً. أيجوز للمضطر إليه أم لا؟ فقال:

وإذا اضْطُرِرتَ لآدمِيٍّ مَيٍّتٍ ... فلْتَهْرَبَنْ منه هُرُوبَ الآبِقِ

فالما لكيُّ يرى سواءً أَكْلُهُ ... مع قتْلِهِ هذا كَلامُ الصَّادِقِ

والشافِعيُّ يرى مباحاً أكْلُهُ ... للبائِس المضطر خِيفة عائقِ

يَعْتاقهُ منْ جُوعهِ فلَرُبَّما ... يغْتالُهُ فيَمُوتُ مِيتَةَ فاسِقِ

وقال أيضا:

هاكَ منِّي بيتا سيَكْثُر إن م ... تُّ على أَلْسُنِ الرُّواة اختلافُهْ

إنَّما تنْظُر العيونُ لِشَخْصيْ ... ن لِمنْ ترتجيه أوْ منْ تَخافُهْ

وقال أيضا: وكلف ذلك في فتى وسيم جزار، كأنه كوكب دريّ من كواكب الأسحار. قد أطلعه

الحُسْنُ شمسا في فلكه؛ وأوْمَأَ كل من رآه اليه بِتَمَلُّكه. لا يَنْفكُّ دمْعُ عاشِقِه عن أنْ يَنْهَلَّ أوْ يَنْسكِب،

ولا قلْبُه عن غرام ونَصَب. يخلط جده باللعب، ويضحك بين العَجَبِ والعُجْب:

يا هِلالا قدْ تَبَدَّى ... فوقَ أَزْرارِ الجُيُوبِ

وقضيباً يَتَثَنى ... فوقَ أحْقافِ الكَثيبِ

كُنْ كمَا شِئْتَ وَدَعْني ... فيكَ منْ قوْلٍ كَذُوبِ

لسْتَ جَزَّاراً ولكنْ ... أنتَ جَزَّارُ القُلوبِ

ولمَّا وَرَدَ عليه الخبرُ بتَأخيره عن القَضاء، واستراحه من أمر وَلْيه، ولم يزل فيه مُبْغِضاً، حَمِدَ الله

سرّا وَجَهْرا، ومَلأَ الأسماع ثناء عليه وشكراً، كأنه كان خائفا مذعورا، فجاءتْهُ بالآمان البُشْرى، أوْ

فقيرا بائسا بالمنزل الرَّحْبِ والقِرى. وسُرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>