للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلكَ سُرُورَ حاتِم طىء بالضيْف؛ أو العاشِق المهجور

بإلمامِ الطَّيْفِ. فعادَ بعْدَ اكتئابه مُستبشراً جَذِلاً. وأنشأ يقول بِلِسانِ السُّرور مُرْتجلا:

حُملْتُ على القَضاءِ ولمْ أُرِدْهُ ... وكانَ علَيَّ أثْقَلَ منْ ثبيرِِ

فلَمَّا أنْ عُزلْتُ جَعَلْتُ أَشْدُو ... لقدْ أُنْقِذْتُ من شَرٍّ كبيرٍ

وهذا المصراع الثاني من قصيدة مهلهل التي أولها:

أَلَيْلتنا بِذي جُشُمٍ أَنِيري ... إذا أنْتِ انْقَضَيْتِ فلا تَحُوري

وأنْقدني بياض الصبح منها ... لقد أنقذتِ منْ شَرٍّ كبيرٍ

شهدت جنازته - رحمة الله عليه وبركاته - في اليوم الثالث، وهو يوم الثلاثاء من شهر ذي القعدة

سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة وأنا يومئذ غلام يافع بين يَدَيْ أُسْتاذي خاضِع مُتَواضعٌ. مُولَعٌ بالأدَبِ

وجَمالِهِ؛ ومَقْتَبِسٌ أنْوارَ العِلْم منْ رجالِه:

أقُولُ لسَائِلٍ عنِّي مُلِحّ ... طِلابُ العِلْمِ رَيْحاني وراحِي

فخرجت خارج المدينة بعد صلاة العصر، وهي قد ألقت من فيها من أهلِها وساكنيها؛ واجتمع

قاصيها إلى دانيها. والناس بينَ باكٍ ملء عينيه، ومسْتَرجعٍ عاضٍّ على يَدَيْه. وصُلي عليه، ثم دُفِن

الحلمُ والوَرَعُ معه في قبره، وتعطَّلَ جيدُ الزّمانِ منْ نظْمِه ونَثْرِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>