للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلم الناس سُنَّتي وان كرهوا الحديث بطوله".

ومن أحسن ما يذكر هنا وألقيه بما ذكرته، حكاية الحسن بن أبي الحسن البصري مع الحجاج بن

يوسف.

حكى عبد الملك بن قريب الأصمعي في أخباره عن أبي نعامة، قال: كنا جلوساً ذات يوم عند الحسن

في المسجد الجامع؛ فإذا الحجاج بن يوسف قد أقبل على برذون أبيض، وحوله شُرْطُه يسعون، حتى

انتهى الى الحَلْقَة، فسلم ثم نزل فجلس بيني وبين الحسن.

قال أبو نُعَامَة: وكان الحسن يحدث حديثا فمضى في حديثه، ولم يقطعه من أجل الحجاج حتى فرغ

منه. ثم أقبل على الحجاج يسائله، فقال الحجاج: أيها الناس. ان هذا الشيخ مبارك معظم لأمر الله جلّ

وعز، عالم بحق أهل القبلة، ناصح لأهل هذي الملة، صاحب استقامة، ونصيحة للعامة. فعليكم بهذا

الشيخ. فألزموه واحضروا مجلسه. فان مجلسه مجلس يعرف فضله، وترتجى عاقبته. فلولا الذي

لزمنا من هذه البلية، وحق الرعية، لأ حببت مشاهدتكم، وحضور شيخكم. ثم نهض فانصرف؛ فما

لبثنا أن جاءت من عنده سفرة عليها أطعمة من كل ضرب. وجاءت أشربة وتحف فوضعت بيننا.

فأكل من أكل، ثم رفع ذلك. وقام شيخ كبير، فاستقبل الحسن بوجهه، فسلم ثم قال: يا أبا سعيد؛ شيخ

كبير من أهل، الديوان، وعطائى حقير زهيد. وانه لما خرج عطائي كلفت فيه فرسا وسلاحا. وما فيه

يحتمل ذلك، ولا فيه فضل من عيالي. وان عليّ لدينا ما أصل إلى الخروج منه. ثم بكى

<<  <  ج: ص:  >  >>