والأكثرون حملوا الصلاة على الصلاة الشرعية، وهو الأظهر.
ثم اختلفوا:
فمنهم: من رجح حديث الإثبات على حديث النفي، وقال: مع تعارض النفي والإثبات يقدم الإثبات؛ لأن المثبت معه زيادة علم خفيت على النافي، وهذه طريقة الشافعي وأحمد وغيرهما من العلماء.
وذكر الأزرقي في ((كتابه)) ، عن عبد العزيز بن أبي رواد، قال بلغني أن الفضل بن عباس دخل مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أرسله النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حاجة، فجاء وقد صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يره فلذلك كان ينكر أنه صلى.
وحديث الفضل في إنكاره الصلاة، قد خرجه الإمام أحمد من رواية أخيه
عبد الله، عنه.
ومنهم: من قال: المثبت للصلاة أراد به صلاته في عام الفتح، والنافي لها أراد صلاته في حجة الوداع، وهذا قول ابن حبان.
وهو ضعيف جدا؛ لوجهين:
أحدهما: أن ابن عباس لم ينفي صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الكعبة في وقت دون وقت، بل كان ينكر ذلك جملة، وكان يكره الصلاة في الكعبة، ويقول: لا يستدبر من البيت شيء.
والثاني: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يدخل الكعبة في حجة الوداع بالكلية حتى يقال أنه دخل ولم يصل، وابن عباس قال: أنه دخل ودعا ولم يصل.