قال: وأبين منها - إن ساعدت الرواية -: ((حدب)) جمع حدبة، لقوله:((فسويت)) ، وإنما يسوى المكان المحدودب، أو ما فيه خروق، فأما الخرب فتبنى وتعمر. انتهى ما ذكره.
وفيه تكلف شديد، وتلاعب بهذه اللفظة بحسب ما يدخلها من الاحتمالات المستبعدة. والرواية التي رواها الحفاظ:((خرب)) ، فإن كان مفردا، فإنما أنث
تسويته؛ لأن التأنيث يعود إلى أماكنه، والظاهر أنها كانت متعددة، وإن كان
((خرب)) ؛ - بالجمع - فتأنيثها واضح.
ومعنى تسوية الخرب: أن البناء الخراب المستهدم يصير في موضعه أماكن مرتفعة عن الأرض فتحتاج إلى أن تحفر وتسوى بالأرض، وهذا أمر واضح ظاهر، لا يحتاج إلى تكلف ولا تعسف.
وأما ((النخل)) فقد اخبر أنس أنه قطع، وصف قبلة للمسجد، وأما ((قبور المشركين)) فنبشت، وذكر أنهم بدءوا بنبش القبور، ثم بتسوية الخرب، ثم بقطع النخل.
والمقصود من تخريج الحديث في هذا الباب: أن موضع المسجد كان فيه قبور للمشركين، فنبشت قبورهم، وأخرجت عظامهم منها، وهذا يدل على أن المقبرة إذا نبشت وأخرج ما فيها من عظام الموتى لم تبق مقبرة، وجازت الصلاة فيها.