للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو كانت قبور المشركين؛ لما فيه من سد الذريعة إلى اتخاذ القبور مساجد، فإنه إذا تطاول العهد، ولم تعرف الحال، خشي من ذلك الفتنة.

وقد يقال مع ذلك: إن في نبش عظام المشركين للصلاة في أماكنها تباعدا في الصلاة عن مواضع العذاب والغضب، وهي مما يكره الصلاة فيها، كما سيأتي ذكره - إن شاء الله تعالى.

وفي الحديث: دليل على طهارة الأرض بالاستحالة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر عند نبش الأرض بإزالة تراب القبور ولا تطهيرها، ولو فعل ذلك لما أهمل نقله؛ للحاجة إليه.

ويدل عليه - أيضا -: أن الصحابة كانوا يخوضون الطين في الطرقات ولا يغسلون أرجلهم - كما تقدم عنهم - والنجاسات مشاهدة في الطرقات، فلو لم تطهر بالاستحالة لما سومح في ذلك.

وهذا قول طائفة من العلماء من السلف، كأبي قلابة وغيره، ورجحه بعض أصحابنا، وهو رواية عن أبي حنيفة، والمشهور عنه: أن الأرض النجسة إذا جفت فإنه يصلى عليها، ولا يتيمم بها. ومذهب مالك والشافعي واحمد وغيرهم: أنها نجسة بكل حال.

وفي الحديث: دليل على أن قبور المشركين لا حرمة لها، وأنه يجوز نبش عظامهم، ونقلهم من الأرض للانتفاع بالأرض إذا احتيج إلى ذلك.

واختلفوا في نبش قبورهم لطلب ما يدفن معهم من مال، فرخص فيه كثير من العلماء. حكاه ابن عبد البر عن أبي حنيفة والشافعي. قال وكرهه مالك ولم يحرمه، وكان الناس يفعلون ذلك في أول

<<  <  ج: ص:  >  >>