وهذا الذي زعمه غير صحيح، وقد قالت عائشة:((كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلا)) . وهذا يدل على أن التأكيد بـ ((كل)) لا يمنع من الاستثناء، ولا من أن يراد به بعض مدلوله عند الإطلاق.
وقوله:((إن العام المستثنى منه يصير مجازا)) فممنوع، بل هو حقيقة فيما عدا المستثنى منه عند أصحابنا وغيرهم.
وأيضا؛ فالعموم المؤكد بـ ((كل)) يصح الاستثناء منه بغير خلاف، فلو قال: نسائي كلهن طوالق إلا فلانة، فإنه مثل قوله: كل امرأة لي طالق إلا فلانة، أو كل عبد لي حر إلا فلانا، والاستثناء صحيح في الكل، ولو استثنى ذلك بقلبه من غير تلفظ به ففي صحته روايتان عن أحمد، حكاهما ابن أبي موسى وغيره.
وفي القرآن العظيم:{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ - إِلَاّ إِبْلِيسَ}[ص:٧٣و٧٤] وحكى عن إبليس أنه قال: {لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ - إِلَاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[ص:٨٢و٨٣] وهذا استثناء من عموم مؤكد، وما صح الاستثناء منه صح تخصيصه.