ففي هذه الرواية التصريح بأن الإبراد إنما كان بالإقامة، والإقامة تسمى أذاناً، كما في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بين كل أذانين صلاة"، ومراده: بين الأذان والإقامة.
وقد خرجه البخراي في الباب الماضي، ولفظه: أذن مؤذن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظهر، فقال:"أبرد، أبرد" - أو قال:" انتظر، انتظر".
وهذا – أيضا - يدل على أنه إنما أخره بالإبراد والانتظار بعد ان أذن، وهو دليل على أنه يؤذن في أول وقت الصلاة بكل حال، سواء أبراد أو لم يبرد.
ولكن إن أراد تأخيرها عن وقتها بالكلية حتى يصليها في وقت الثانية جمعاً، فإنه يؤخر الأذان إلى وقت الثانية.
ويدل على هذا: ما خرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة، قال: كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس، فلا يقيم حتى يخرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا خرج أقام حين يراه.
وفي الأذان للمجوعتين في وقت الثانية خلاف يذكر في موضع آخر.
ومتى فرق بين المجموعتين في وقت الثانية تفريقاً كثيراً، فقال القاضي أبو يعلى من أصحابنا: تحتاج الثانية إلى أذان آخر.
وقد روي عن ابن مسعود في جمعه بالمزدلفة ما يشهد له. والله سبحانه وتعالى أعلم.