للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحبائي إذا جهنم الليل جعلت أبصارهم في قلوبهم، ومثلت نفسي بين أعينهم فخاطبوني على المشاهدة وكلموني على حضوري.

وبهذا فسر المثل الأعلى المذكور في قوله تعالى {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض} [الروم: ٢٧] ومثله قوله تعالى {الله نور السموات والأرض مثل نوره كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ توقَدُ (١) مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَاّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} [النور: ٣٥] ، قال ابن كعب وغيره من السلف: مثل نوره في قلب المؤمن. ٌفمن وصل إلى هذا المقام فقد وصل إلى نهاية الإحسان وصار الإيمان لقلبه بمنزلة العيان فعرف ربه وأنس به في خلوته وتنعم بذكره ومناجاته ودعائه حتى ربما استوحش من خلقه، كما قال بعضهم: عجبت للخليقة كيف أنست بسواك؟! بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك. وقيل لآخر: أما تستوحش؟! قال: كيف استوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني (٢) ؟


(١) كذا بالمثناة الفوقية، وهي قراءة أبي عمرو وأهل الكوفة والحسن وابن محيصن: بفتح التاء والواو وشد القاف وضم الدال – أي: الزجاجة، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر، عن عاصم وطلحة والأعمش والحسن وقتادة وابن وثاب وعيسى: " توقد " – بضم التاء – أي: الزجاجة، وقرأ عاصم: " يوقد ". أهـ من " المحرر الوجيز " لابن عطية (١١ / ٣٠٦) .
(٢) هو قول محمد بن النضر، أخرجه البيهقي في " الشعب " (١ / ٤٥٨) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>