للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل لآخر: أما تستوحش وحدك؟ قال: ويستوحش مع الله أحد؟ ! وكان حبيب أبو محمد يخلو في بيته ويقول: من لم تقر عينه بك فلا قرت عينه، ومن لم يأنس بك فلا أنس. وقال الفضيل: طوبى لمن استوحش من الناس وكان الله جليسه (١) .

وقال معروف لرجل: توكل على الله حتى يكون جليسك وأنيسك وموضع شكواك (٢) . وقال ذو النون: علامة المحبين لله: أن لا يأنسوا بسواه ولا يستوحشوا معه، ثم قال: إذا سكن القلب حب الله أنس بالله؛ لأن الله أجل في صدور العارفين أن يحبوا غيره. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اعبد الله كأنك تراه " إشارة إلى أن العابد يتخيل ذلك في عبادته، لا أنه يراه حقيقة لا ببصره ولا بقلبه. وأما من زعم أن القلوب تصل في الدنيا إلى رؤية الله عيانا كما تراه الأبصار في الآخرة – كما يزعم ذلك من يزعمه من الصوفية – فهو زعم باطل؛ فإن هذا المقام هو الذي قال من قال من الصحابة كأبي ذر وابن عباس وغيرهما، وروي عن عائشة – أيضا – أنه حصل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين. وروي في ذلك أحاديث مرفوعة – أيضا.

وكذا قال جماعة من التابعين: إنه يراه بقلبه، منهم الحسن، وأبو العالية، ومجاهد ووعبد الله بن الحارث بن نوفل، وإبراهيم التيمي وغيرهم.


(١) " الحلية (٨ / ١٠٨) .
(٢) " الحلية (٨ / ٣٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>