واستدل طائفة بأن الصحابة كانوا ينامون في المسجد - يعني: أنه لم يكن يخلو من احتلام بعضهم فيهِ -، ولم ينقل عن أحمد منهم أنه تيمم، ولا أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحداً منهم بذلك، مع علمه بنومهم، وأنه لا يكاد يخلو من محتلم منهم فيهِ.
وقد كانَ ابن عمر شاباً عزباً، ينام في المسجد على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأصل هذه المسألة: أن الجنب: هل يباح لهُ المرور في المسجد من غير تيمم، أم لا؟ وفي المسألة قولان:
أحدهما - وهو قول الأكثرين -: إنه يباح لهُ ذَلِكَ، وهو قول أكثر السلف ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم.
وقد تأول طائفة من الصحابة قول الله - عز وجل -: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}[النساء: ٤٣] ، بأن المراد: النهي عن قربان موضع الصَّلاة - وهو المسجد - في حال الجنابة، إلا
أن يكون عابر سبيل، وهو المجتاز به من غير لبث فيهِ.
وقد روي ذَلِكَ عن ابن مسعود وابن عباس وأنس - رضي الله عنهم -.
وفي ((المسند)) ، عن ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سد أبواب المسجد غير باب
علي. قالَ: فيدخل المسجد جنباً، وهو طريقه ليس لهُ طريق غيره.