والأظهر - والله اعلم -: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز؛ لقوله:((فإذا ذهب عنك قدرها)) ، كذا في رواية مالك، عن هشام، وهي التي خرجها البخاري في هذا الباب.
وقد تأويلها بعض المالكية على أنها كانت مميزة، لكن يزيد دم تمييزها على أكثر الحيض، فتجلس منه قدر العادة.
وقال بعضهم: المراد بقدرها: ذهاب دمها وانقضاؤها.
وتأوله بعضهم: على أن المراد بذهاب قدرها: الاستطهار بعد مدتها بثلاثة أيام على ما يراه مالك.
وكل هذه تأويلات بعيدةٌ، تخالف ظاهر اللفظ.
وفي رواية أبي أسامة، عن هشام:((دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي)) .
وقد خرجها البخاري فيما بعد.
وهذه الرواية صريحة في ردها إلى العادة دون التمييز.
وخرج مسلم من حديث عراك بن مالك، عن عروة، عن عائشة، أن أم حبيبة سألت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدم؟ فقالَ لها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي)) .
وفي رواية: أنها شكت إليه الدم.
وروى مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن امرأةً كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالَ: ((لتنظر عدة الليالي والأيام