وقد تعلق بعضهم للوجوب بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها أن تغتسل وتصلي، وهذا يعم كل صلاة؛ فإنه كالنهي أن تصلي حتى تغتسل، وقد فهمت المأمورة ذَلِكَ، فكانت تغتسل لكل صلاة، وهي أفهم لما أمرت بهِ.
ويجاب عَن ذَلِكَ، بأنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أمرها أن تغتسل إذا ذهبت أيام حيضتها، فلا يدخل في ذَلِكَ غير الغسل عند فراغ حيضتها، وأما ما فعلته فَقد تكون فعلته احتياطاً وتبرعاً بذلك -: كذلك قاله الليث بنِ سعد وابن عيينة والشافعي وغيرهم مِن الأئمة.
ويدل على أن أمرها بالغسل لَم يعم كل صلاة: أن عائشة روت أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها أن تغتسل، وقالت عائشة:((فكانت تغتسل لكل صلاة)) ، فدل على أن عائشة فهمت مِن أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير ما فعلته المستحاضة، وعائشة راوية الحديث، وهي أفقه وأفهم مِن غيرها مِن النساء.
وقد ذهب مالك والشافعي - في أشهر قوليه - في المتحيرة - وهي: المستحاضة التي نسيت وقتها وعددها ولا تمييز لها - أنها تغتسل لكل صلاة وتصلي أبداً.
واختلف أصحاب الشَافِعي: هل تقضي أم لا؟ على وجهين لَهُم، واختار ابن سريج مِنهُم: أنها تصلي كل يوم وليلة عشر صلوات بست اغتسالات وأربعة وضوآت، ليسقط الفرض عنها بيقين.