وفي هَذا حرج عظيم، وعسر شديد، والكتاب ناطق بانتفائه عَن هَذهِ الأمة، فكيف تكلف بهِ امرأة ضعيفة مبتلاة، معَ أن دين الله يسر - وليس بعسر.
وذهبت طائفة: إلى أن المستحاضة تغتسل كل يوم غسلاً واحد، وروي عَن أحمد ما يدل على وجوبه. وعند أحمد وإسحاق: لها أن تجمع بين الصلاتين بغسل
واحد، وفي ذَلِكَ أحاديث مرفوعة عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[مخرجة] في ((السنن)) .
وأما قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((هَذا عرق)) ، وتبويب البخاري هاهنا على هَذهِ اللفظة، فَقد سبق الكلام على معناه مستوفى في ((باب: الاستحاضة)) .
وليس في حديث الزهري الذِي خرجه البخاري في هَذا الباب أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المستحاضة أن تدع الصلاة أيام حيضها، كَما في حديث هشام بنِ عروة وعراك بنِ
مالك، عَن عروة، لكن في حديث هشام: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر فاطمة بنت أبي حبيش، وفي حديث عراك: أمر أم حبيبة بنت جحش.
وقد ذكر الأوزاعي، عَن الزهري في حديثه هَذا، أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لأم حبيبة:((إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)) ، وتفرد بذلك.
وكذلك روى ابن عيينة، عَن الزهري، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها، وَهوَ وهم منهُ - أيضاً -: قاله الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما ورواه محمد بنِ عمرو، عَن الزهري، وزاد